لليوم الخامس على التوالي لا يزال جهاز الأمن الوقائي يعتقل الناشط المجتمعي محمد حمدان (36 عاماً)، عضو مجلس إدارة جمعية “الإرادة لذوي الاحتياجات الخاصة” ببلدة عرابة، جنوبي مدينة جنين، شمال الضفة الغربية، ليكون هذا الاعتقال الـ11 له منذ 12 عاماً.
وفي العشرين من فبراير الماضي، أعلن حمدان عبر صفحته في فيسبوك استقالته من عضوية الهيئة الإدارية لجمعية الإرادة، “بسبب ضغط الأجهزة الأمنية في جنين عليّ وإجباري على ذلك”، ليفاجأ بعدها باستدعاء من جهاز الأمن الوقائي واعتقاله بعد أيام.
وردا على الاستقالة، وفي اليوم التالي، قالت الجمعية عبر صفحتها في فيسبوك: “بعد اجتماع للهيئة الإدارية لجمعية الإرادة لذوي الاحتياجات الخاصة في عرابة قررت الهيئة الإدارية رفض جميع الاستقالات التي تقدم بها بعض الزملاء في الهيئة”.
عمل تطوعي.. ومكافآت مختلفة!
وعن تفاصيل استقالته، قال حمدان قبل اعتقاله: “عملي تطوعي تجاه فئة ذوي الإعاقة ويصب في تحقيق أهداف مجتمعية وتأهيلية من خلال إكساب مهارات ذاتية لذوي الإعاقة، تعينهم على قضاء احتياجاتهم الذاتية بعيدا عن مساعدة الآخرين ومساعدتهم في الاندماج في مجتمعاتهم”.
وأضاف: “كل ما نقوم به نحن أعضاء الهيئة الإدارية هو إيصال رسالة الجمعية وأهدافها للمؤسسات والجمعيات الأخرى لبناء جسور شراكة بيننا، للمساعدة في تحقيق الأهداف المذكورة؛ فالرسالة إنسانية بحتة”.
وأوضح أنه “حفاظًا على استمرار عمل الجمعية بنجاح ودون عراقيل فإني أعلن الاستقالة”، متسائلاً: “بأي وجه قانوني أجبر على الاستقالة من عمل طوعي إنساني، وأجبر على التعهد بعدم الترشح لانتخابات الهيئة للدورة الجديدة؟”.
وتابع مستنكراً: “أما آن لمثل هذه الجمعيات أن تكون بمنأى عن التجاذبات السياسية في الساحة الفلسطينية بحجج ومبررات الميول السياسي لبعض شخوص هذه الجمعيات؟ أين دور الهيئات الحقوقية والإنسانية في وضع حد لمثل هذه التدخلات من الأجهزة الأمنية في عمل الجمعيات الخيرية والأهلية؟”.
اعتقال دون محاكمة!
ومنذ اعتقاله الأول وحتى اليوم، ترفض أجهزة أمن السلطة قبول طلب العائلة إيقاف محامٍ له، للدفاع عنه، أو عرضه على محاكمها،كحق قانوني، وفق ما يوضح شقيقه حمزة.
ويروي حمزة لـصحيفة “فلسطين”: “أخي اعتقل نحو 5 أشهر لدى أجهزة أمن السلطة منذ 2008م، عدا عن اعتقاله 5 سنوات ونصف السنة لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي”، مؤكدًا أنه “قدم استقالته بخط يده لجهاز الأمن الوقائي بعد ضغوطات عليه واحتجاز هاتفه وهويته ليعتقل بعد أيام”.
وأضاف: “تحدثنا مع مؤسسات حقوق الإنسان لمتابعة قضيته، ولا جديد حتى الآن، وحاولنا زيارته مرتين إلا أننا قوبلنا بالرفض”.
من جهته، قال الناشط الشبابي محمد عطيوي تعقيباً على الحادثة: “هذا سقوط مدوٍّ يتطلب وقفة جادة من أهالي بلدة عرابة، ممثلة بفعالياتها الوطنية والاجتماعية ومجلسها البلدي للوقوف في وجه هذا التخريب للعلاقات الأسرية والاجتماعية والإنسانية”.
وأضاف: “هذه العلاقات تربط أبناء البلد الواحد، ومن يعتقد أن القضية بهذه البساطة فهو مخطئ”، واصفاً التدخل الأمني في جمعية ذوي الإعاقة بـ “الفاضح”.
رفض للتدخل!
واحتجاجاً على التدخل الأمني في عمل المؤسسة، قدم عدد من أعضاء هيئتها الإدارية استقالتهم وهم: عبد المجيد شقير، وبشار أبو سارة؛ وذلك احتجاجا على تدخل الأجهزة الأمنية وإجبارها “حمدان” على الاستقالة من عضوية الهيئة تحت الضغوط.
وعبرت هناء حمدان رئيسة الجمعية في حديث لـصحيفة فلسطين” عن استنكارها لسلوك الأجهزة الأمنية بحق المؤسسة وأعضاء هيئتها الإدارية، متسائلة: “أين مؤسسات حقوق الإنسان؟”.
وأضافت: “إننا في اجتماعات متواصلة لدراسة خياراتنا المتعددة، ونناشد الغيورين من أبناء عرابة والشرفاء الحريصين على مصلحة الوطن ومؤسساته والفصائل والفعاليات في عرابة للتدخل العاجل والسريع من أجل حماية الجمعية ومكتسباتها”.
وجمعية الإرادة تأسست عام 2013م لتعنى بشؤون ذوي الإعاقة في بلدة عرابة، وهي جمعية غير ربحية قائمة على تقديم الخدمات لمساعدتهم في الاندماج في مجتمعاتهم وإكسابهم مهارات ذاتية تعينهم على قضاء احتياجاتهم دون مساعدة الغير.