أغلقت الحرب في اليمن معظم المراكز التعليمية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، خصوصاً في المناطق التي يستهدفها الطيران الحربي التابع لقوات التحالف السعودي – الإماراتي.
في هذا السياق، يقول الشخص ذو الإعاقة البصرية محمد حسين، إنه حرم من مواصلة تعليمه في صنعاء بعد استهداف المركز الخاص بتعليم الأشخاص المكفوفين بغارات لطيران التحالف، ما أدى إلى تدميره بالكامل، فبات عاجزاً عن الوصول إلى أيّ مركز آخر في ظل استمرار الحرب. يؤكد لـ”العربي الجديد”، أنّ الحرب تسببت في كثير من المآسي التي طاولت مختلف شرائح المجتمع، ومنها شريحة الأشخاص ذوي الإعاقة ممن تضرروا بشكل كبير. يشير إلى أنّ الأشخاص ذوي الإعاقة “يشعرون بإحباط شديد من جراء تداعيات الحرب، التي انعكست بشكل سلبي عليهم، إذ لم يعد أحد يهتم بهم كالسابق. وحتى إن توافرت المراكز التعليمية، فكثير منا غير قادر على التنقل من مكان إلى مكان آخر”. يتابع: “كان لديّ سائق في السابق، لكن بسبب سوء الوضع المعيشي لأسرتي، لم أعد قادراً على توفير تكاليف التنقل .
بدوره يصف مختار مصلح، ولديه إعاقة حركية، الوضع بـ”المأسوي”. يقول لـ”العربي الجديد” إنّ الحرب تسببت بشحّ الإمكانات، وتوقف الدعم الذي كان يُقدم إلى المركز التعليمي الذي يدرس فيه، ما أدى إلى إغلاقه. يلفت إلى أنّ “المركز كان يوفر مناهج دراسة خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة (اليمن لا يعتمد الدمج)، ووسائل مواصلات لجميع التلاميذ، وأغراضاً أخرى قبل الحرب. لكنّي خسرت مع غيري كلّ ذلك”. يشير إلى أنه اضطر للتسجيل في إحدى المدارس الحكومية العامة، لكنّه لم يتمكن من التأقلم والانسجام مع التلاميذ الآخرين وهو ما أحبطه، خصوصاً أنه تعرض لمضايقات من البعض. يؤكد مصلح أنه يتغيب عن المدرسة باستمرار لعدم تكيّفه مع الأجواء الجديدة، ويكتفي بمطالعة الدروس في المنزل وتأدية الاختبارات مع نهاية كلّ فصل دراسي.
من جهتها، تتحدث الفتاة ذات الإعاقة الحركية وداد عبد الحميد، من محافظة تعز (وسط)، بحسرة حول توقفها عن الدراسة لفترة طويلة بسبب الحرب: “حرمتني أسرتي من التعليم منذ الطفولة لأني ذات إعاقة، وتعليمي غير مجدٍ في نظرهم، إذاً فلا فائدة من الالتحاق بالمدارس سوى التعب والمعاناة كما يعتبرون. لكنّي تمكنت من إقناع أسرتي بالالتحاق بالمدرسة القريبة من المنزل، بعدما تجاوز عمري 13 عاماً، بدعم من إحدى المنظمات الإنسانية حتى جاءت الحرب وتوقفت المنظمة عن تقديم المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة، وبقيت في المنزل بلا تعليم بالرغم من أنّي وصلت إلى المرحلة الإعدادية”.
ولي الأمر، عبد الله البدوي، يؤكد من جانبه أنّ المركز الذي كان يعتني بابنه ذي الإعاقة الحركية، توقف عن العمل قبل عامين، حين توقف الدعم الذي كان يحصل عليه من جراء الحرب. يقول البدوي لـ”العربي الجديد”، إنّ ابنه حُرم من كثير من فرص التعلم بسبب الحرب: “كنا نذهب في السابق إلى بعض النوادي ومراكز الرياضة كي يتمرن ويمارس العلاج الطبيعي لكنّه محروم من ذلك الآن”. يشير إلى وجود مراكز تعليمية مخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، لكنّها بعيدة عن بيته: “من الصعب أن آخذ ابني يومياً إلى هذه المراكز”. يضيف: “التعليم في المدارس العادية في صنعاء تضرر بشكل كبير ونادراً ما تجد مدرسة حكومية ملتزمة بالتدريس بشكل متكامل كما كان في السابق، والحال أسوأ في مراكز تعليم الأشخاص ذوي الإعاقة، فأغلبها تضرر بسبب الحرب وتوقف عن العمل”.
من جانبه، يؤكد المدير التنفيذي لـ”المنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة” فهيم القدسي لـ”العربي الجديد”، أنّ الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة تركوا الدراسة بسبب توقف الدعم الذي كان يوفره “صندوق تأهيل ورعاية المعاقين” (حكومي) لغالبية الأشخاص ذوي الإعاقة، وذلك لعدم توافر السيولة اللازمة فيه.
توقّف المراكز والخدمات
يؤكد المدير التنفيذي لـ”المنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة”، فهيم القدسي، أنّ نحو 300 مركز وجمعية أغلقت أبوابها أمام الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن منذ بدء الحرب، علماً أنها كانت تقدم خدماتها لـ130 ألف شخص. كذلك، أوقف “صندوق تأهيل ورعاية المعاقين” العديد من الخدمات الذي كان يقدمها، ومن بينها الأدوية التي كانت تصل قيمتها السنوية إلى مليوني دولار أميركي.