أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر وإثيوبيا أمتان وحضارتان عريقتان تربطهما علاقات ممتدة عبر الآف السنين .
وأوضح الرئيس السيسي – خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ميريام ديسالين – أنه تم عقد أعمال اللجنة المصرية الإثيوبية المشتركة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين، لافتا إلى أن زيارته لإثيوبيا تؤكد على تحديد مواطن المصالح المشتركة بين البلدين .
وشدد الرئيس السيسي على أنه أولى أهمية خاصة للعلاقات مع إثيوبيا وتطويرها في مختلف المجالات .
“السيدات والسادة إن أهمية هذه الزيارة وانعقاد اللجنة المشتركة للمرة الأولى على مستوى قيادتي البلدين لا تنبع فقط مما تتيحه من فرص لتعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين مصر وإثيوبيا ، وإنما أيضا باعتبار ذلك إشارة واضحة لشعوبنا وللعالم أجمع على ما لدينا من إرادة سياسية وعزم على تجاوز أي عقبات بين البلدين ولعل أخي دولة رئيس الوزراء يشاركني الإرتياح لما شهدته اجتماعات اللجنة المشتركة على مدار الأيام الماضية برغبة صادقة لدى الجانبين في تعزيز التعاون الثنائي أدت للتوصل إلى التوافق على عدد من الأطر التعهدية في مجالات التعاون الصناعي فضلا عن مذكرة تفاهم في مجال التشاور السياسي والدبلوماسي، نعول على أن تكون أداة هامة لتفعيل ومتابعة تنفيذ مختلف أوجه التعاون بين البلدين”.
وأضاف السيسي ” لقد تباحثنا اليوم كذلك حول فرص زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين خاصة في ضوء ما نلحظه من اهتمام من قبل القطاع الخاص المصري لزيادة استثماراته في السوق الإثيوبية، وقد اتفقنا على أهمية تقديم كافة التسهيلات الممكنة لغرض دمج تلك الاستثمارات بما في ذلك التعاون لإقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا والتعاون في مجالات الاستثمار الزراعي والثروة الحيوانية والمزراع السمكية والصحة فضلا عن تكثيف الجهود لزيادة حجم التبادل التجاري بما يؤدي لتعزيز التكامل الاقتصادي بين مصر وإثيوبيا وتقديم نموذج ناجح للتكامل المطلوب إفريقيا”.
“السيدات والسادة لقد تناولت أيضا مع شقيقي رئيس وزراء إثيوبيا موضوع التعاون المشترك في إطار دول حوض النيل ، وفي هذا الإطار فقد أكدت علي إيمان مصر الذي لا يتزعزع بحق إثيوبيا وكل الدول الشقيقة وشعوب العالم في التنمية ،كما أوضحت أن حوض نهر النيل يتمتع بموارد وإمكانيات هائلة تجعله مصدرا للترابط والبناء والتنمية ، لا مصدرا للصراع لاسيما مع ما يتوفر من آفاق للتعاون في مجالات الربط الكهربائي والزراعة والتصنيع والاستثمار والتبادل التجاري من خلال أعمال مبدأ المنفعة المشتركة .
“ولدينا من تجارب أحواض الأنهار الدولية الأخري نماذج ناجحة عديدة استطاعت الدول المتشاطئة لها تقاسم المنافع وتجنب الإضرار بأى طرف ولا شك أن نجاح تلك التجارب قد تأسس على تجنب قيام أي طرف بتصرفات أحادية والاحترام الكامل لقواعد القانون الدولي المنظمة لاستخدامات المياه في تلك الانهار”.
“وقد حرصت خلال مناقشاتي مع دولة رئيس الوزراء الإثيوبي على التأكيد على أن نموذج التعاون في حوض نهر النيل لا يجب أن يكون بأي شكل من الاشكال معادلة صفرية وإنما قاطرة لتحقيق التنمية والرخاء لشتي شعوبنا من خلال التعاون وتفهم شواغل الطرف الأخر ، لاسيما حينما تتعلق تلك الشواغل بشريان الحياة الرئيسي لشعب يتجاوز عدد سكانه المائة مليون نسمة واعتمد بشكل رئيسي على هذا النهر كمورد للمياه”.
وفيما يتعلق بموضوع سد النهضة فقد أعربت عن قلقنا البالغ من استمرار حالة الجمود التي تعتري المسار الفني الثلاثي المعني باتمام الدراسات المتفق عليها لتحديد الأثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية المحتملة على دولتي المصب وكيفية تجنبها ، مؤكدا ضرورة أن نعمل وتعمل الأطراف الثلاثة في اسرع وقت ممكن على تجاوز حالة الجمود الحالية لضمان استكمال الدراسات المطلوبة باعتبارها الشرط الذي حدده اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015 للبدء في ملء الخزان وتحديد أسلوب تشغيله سنويا .
ويهمني الأشارة في هذا الصدد إلى أننا نقدر ما تؤكده إثيوبيا دائما من حرصها على عدم الإضرار بمصالح مصر المائية إلا انه من الضروري أن ندرك أن السبيل الأمثل والوحيد لترجمة ذلك هو استكمال الدراسات المطلوبة والالتزام بنتائجها بما يضمن تجنب أي أثار سلبية للسد على دولتي المصب .
وانطلاقا من إدراكنا لأهمية استئناف المسار الفني لسد النهضة فقد طرحت مصر بشكل عاجل على الاشقاء في اثيوبيا والسودان اقتراح مشاركة البنك الدولي في اجتماعات اللجنة الوطنية الثلاثية المعنية بسد النهضة كطرف فني محايد للبت في الخلافات الفنية بين الدول الثلاث .
ختاما أود التأكيد مجددا على توجه مصر الاستراتيجي لترسيخ المصلحة المشتركة مع إثيوبيا في كافة المجالات وإننا لا نألوا جهدا في سبيل تحقيق ذلك كما أود أن ارحب مجددا بدولة رئيس الوزراء ديسالين والوفد المرافق له وأن أتمنى لهم طيب الإقامة في بلدهم مصر.
كما أود أن اشكر كل من شارك بجهد في عمل اللجنة العليا المشتركة من أعضاء الوفدين وأتطلع لقيام الطرفين بالمتابعة الجادة لتنفيذ ما تم التوصل إليه من توافقات بما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين .
“دولة رئيس الوزراء ديسالين أرحب بك مرة أخرى في مصر.. والشعب المصري يتطلع بكل انصات أن يسمع منكم” .