ذوي الاحتياجات الخاصة .. هم جزء هام ومؤثر في المجتمع يعيشون .. معنا وبيننا ولهم جميع الحقوق ولا ينبغي تهميشهم فهم محور أساسي في أجندة حقوق الإنسان .. ويمثلون شريحة كبيرة في المجتمع لايمكن إهمالها أو تجاهلها .. فالإعاقة هي جزء من الطبيعة البشرية والتجربة الإنسانية.
وقد تكون الإعاقة نتيجة لأسباب جينية موروثة أو غير موروثة وربما قد تكون نتيجة التعرض لحادث .. وفي الحالتين هي قدر من الله.
والإعاقة أيا كانت أسبابها ليست نقصا من صاحبها فكم من معاق أعيق جسده، ولكن بإرادته وعزيمته أثبت قدراته ولامس بطموحه عنان السماء.
وتشكل قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة محورا أساسيا في جهود التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية على مستوى العالم، فالحاجة إلى فهم أعمق لتحدياتهم وإمكاناتهم يتزايد، ويعد ضمانا لحقوقهم وتعزيز مشاركتهم الفعالة في المجتمع من الركائز الأساسية لبناء مجتمعات شاملة ومتكافئة الفرص.
وبهدف زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم الأفكار والمبادرات التى تعمل من أجل ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة خصصت الأمم المتحدة منذ عام 1992 يوم الثالث من ديسمبر من كل عام للاحتفال باليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة.
كما يدعو هذا اليوم إلى تكريس الوعي المجتمعى بأهمية التوسع في إدماج من لديهم إعاقات في مختلف نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية.
وهو يهدف بشكل أساسي إلى تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ورفاهيتهم، ورفع مستوى الوعي بقضاياهم.. حيث إن أكبرعائق يواجهونه ليس الإعاقة نفسها بقدر ما هو عامل التمييز ووجود الحواجز التي تعيقهم وتقف أمامهم.
* نشأة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة
أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1992 عن تخصيص يوم عالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، ليكون هذا اليوم بمثابة خطوة مهمة في مسيرة طويلة من جهود الأمم المتحدة في مجال الاهتمام بذوي الإعاقة.
وقد شهد عام 2006 تطورا ملحوظا في هذا المجال مع اعتماد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي أسهمت في دفع قضايا الإعاقة إلى الأمام في إطار خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وفي عام 2019، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش استراتيجية إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في كل عمل ووظائف أساسية لمنظومة الأمم المتحدة بأكملها ليقود تقدما غير مسبوق لصالح الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع أنحاء العالم.
* مجتمع أكثر شمولا وعدالة
يكتسب اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة أهمية بالغة في تشكيل مجتمع أكثر شمولا وعدالة، فهو يسلط الضوء على ضرورة إزالة الحواجز التي تعيق مشاركتهم الكاملة في الحياة المجتمعية، فتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة يعود بالنفع على المجتمع بأكمله، والعوائق التي يواجهونها تشكل عائقا أمام تقدم المجتمع ككل.
ويؤكد هذا اليوم الحاجة الملحة إلى ضمان وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى جوانب المجتمع جميعها على قدم المساواة مع الآخرين.
كما يسهم في زيادة الوعي بأهمية احترام الاختلافات وتقبل الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم، ويشجع على تغيير نظرة المجتمع من النظرات غير المريحة إلى الرغبة في التعرف إلى الإعاقات المختلفة وفهمها على نحو أفضل، ما يخلق بيئة داعمة تساعد الأشخاص ذوي الإعاقة على العيش باستقلالية والمشاركة الفعالة في جوانب الحياة والتنمية.
* حقائق أساسية
يعاني ما يقدر بنحو 1.3 مليار شخص أو 1 بين كل 6 أشخاص في جميع أنحاء العالم من إعاقة كبيرة.
يموت بعض الأشخاص ذوي الإعاقة في عمر أقل من عمر أولئك الذين لا يعانون من إعاقة بنحو 20 عاما كما يتعرض الأشخاص ذوو الإعاقة لخطر الإصابة باعتلالات وأمراض بنسبة كبيرة.
يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة صعوبة أكبر في الوصول إلى المرافق الصحية بنحو 6 مرات مقارنة بغيرهم وصعوبة أكبر في الوصول إلى وسائل النقل وتحمل تكلفتها بـ15 مرة مقارنة بغيرهم.
وتنشأ أوجه عدم الإنصاف في مجال الصحة من الظروف غير العادلة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة، والتي تشمل الوصم والتمييز والفقر والاستبعاد من التعليم والعمل، والحواجز التي يواجهونها في النظام الصحي.
* أنواع الإعاقات
تتعدد أنواع ذوي الاحتياجات الخاصة حسب نوع الإعاقة والقصور كالآتي:
أولا: الإعاقة الحركية: وهي خمس أنواع سواء حالات شلل دماغي أو ضمور في العضلات أو تشوهات خلقية جينية وحالات أخرى مرضية غير مسببة.
ثانيا: الإعاقة العقلية: وهي حالة من توقف النمو الذهني أو عدم الاكتمال فيؤثر في المستوى العام للذكاء، أي القدرات المعرفية واللغوية الحركية والاجتماعية وقد يحدث التخلف مع أو بدون اضطراب نفسي أو جسمي آخر.
ثالثا: الإعاقة البصرية: هي إعاقة في البصر بين عمى كلي أو جزئي وهنا تقسم إلى: المكفوفبن “المصابون بالعمى”، وهؤلاء تتطلب حالتهم البصرية استخدام طريقة برايل وضعاف البصر وهم يستطيعون الرؤية من خلال المعينات البصرية.
رابعا: الإعاقة السمعية: وهي بين الصمم، والفقدان الشديد والفقدان الخفيف وقد تكون علاماتها ظاهرة، وقد تكون مخفية ما يؤدي إلى مشكلات في حياة الطفل دون معرفة المسبب لها، وعادة ما يكون مصاحبا للعديد من الإعاقات، مثل “متلازمة داون، الشلل الدماغي، الإعاقة الفكرية، التوحد، اضطراب فرط الحركة، وقلة النشاط، وشق الحنك، والشفة الأرنبية”.
خامسا: وهناك أنوا أخرى مها الإعاقة الجسمية وصعوبات التعلم واضطرابات النطق واضطرابات الكلام والاضطرابات السلوكية والاضطرابات الانفعالية والإعاقات المزدوجة والإعاقات المتعددة والتوحد.
* موضوع احتفال 2024
وضعت الأمم المتحدة هذا العام 2024، الاحتفال باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة تحت عنوان “ليست كل الإعاقات مرئية”، حيث تأتي الإعاقات بأشكال مختلفة، ومن المهم الاهتمام بكل واحدة منها.
ولا يعني كون الإعاقة غير مرئية أنها ليست مهمة أو مؤثرة وكثير من الناس يعيشون مع إعاقات مثل اضطرابات الصحة العقلية والألم المزمن والتعب، ولا يظهر أي منها للوهلة الأولى.
ومع ذلك، فإن حياة هؤلاء الأشخاص وتجاربهم تتأثر بشكل كبير بإعاقاتهم ومن أجل ذلك خصص هذا العام وقتا للتركيز بشكل خاص على الإعاقات غير المرئية.
* حقوق ذوي الاحتياجات في الدستور المصري
انضمت مصر إلى الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الموقعة فى نيويورك بتاريخ 30 مارس 2007 والتى انضمت إليها مصر بموجب قرار رئيس الجمهورية لسنة 2007، والمصدق عليها من مجلس الشعب بتاريخ 11 مارس 2008.
وتضمن الدستور المصري الصادر في عام 2014 وتعديلاته تمثيل ذوى الاحتياجات الخاصة داخل أول مجلس للنواب يتم تشكيله وانتخابه بعد العمل بأحكام الدستور وحرص الدستور المصري على الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وإتاحة الفرصة لهم لإثبات ذاتهم كشركاء أصليين ومنحهم الحماية والرعاية الكاملة.
ونصت المادة 81 من الدستور على “تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا، وتوفير فرص العمل لهم، مع تخصيص نسبة منها لهم، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة بهم، وممارستهم لجميع الحقوق السياسية، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص”.
* المبادرات الرئاسية لدعم وتمكين ذوي الهمم
لم تتوقف المبادرات الرئاسية في دعم وتمكين ذوي الهمم، ولم يخل مؤتمر واحد من تمثيل مشرف لذوى الاحتياجات الخاصة والإعاقة من المشاركة فى حضور مؤتمرات الشباب وتقديم آرائهم وأطروحاتهم المختلفة إزاء كافة القضايا المطروحة للنقاش فضلا عن تقديم الدعم الكامل لهم.
وصدر القانون رقم 156 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2018 والذي نص في مادته الأولى يضاف إلى قانون حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2018 مادة جديدة برقم “50 مكررا”، نصها الآتى:
“ويعاقب المتنمر على الشخص ذي الإعاقة بالحبس مدة لا تقل على سنتين وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد عن 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر، أو كان الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان المجني عليه مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادمًا له أو لدى أحد ممن تقدم ذكره أما إذا اجتمع الطرفان يضاعف الحد الأدنى للعقوبة، وفي حالة العود، تضاعف العقوبة في حديها الأدنى”.
كما عملت الدولة على إنشاء صندوق “قادرون” وفقا للقانون 200 لسنة 2020 ويتولى الصندوق بالتنسيق مع الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدنى والقطاع الخاص المساهمة في توفير أوجه الدعم والرعاية في جميع مناحى الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة، وعلى الأخص ما يأتي:
1- العمل على توفير منح دراسية بالمدارس والمعاهد والجامعات بالداخل والخارج، وكفالة استمرار إتمام الدراسة بالتعليم الخاص للملتحقين به بالفعل.
2- المساهمة في تغطية تكلفة الأجهزة التعويضية والعمليات الجراحية المتصلة بالإعاقة لغير المؤمن عليهم.
3- المشاركة في تغطية تكلفة الإتاحة من خلال تحسين المرافق العامة بتطبيق كود الإتاحة فيها، والمساهمة في تطوير مؤسسات رعاية الأشخاص ذوى الإعاقة.
4- العمل على دعم الشمول المالى للأشخاص ذوى الإعاقة، والمشاركة في تدريبهم وتشغيلهم لتوفير حياة كريمة لهم.
5- إجراء البحوث والدراسات وعقد الندوات والمؤتمرات وإصدار المطبوعات ذات الصلة بالمبادرات التعليمية والتدريبية للأشخاص ذوى الإعاقة لرفع كفاءتهم بما يسمح بسرعة دمجهم في سوق العمل.
6- التعاون مع جميع الوزارات والمؤسسات والجهات المعنية لتحقيق مصلحة الأشخاص ذوى الإعاقة كلما أمكن ذلك.