في مدينة الإسكندرية الساحرة، حيث تلتقي مياه البحر بشواطئها الذهبية ولدت قصص أطفال ملهمة تروي تحدي الإعاقة وتحقيق الأحلام.. قرروا أن يكتبوا تاريخاً جديداً للرياضة في مصر، وأن يثبتوا للعالم أن الإعاقة ليست سوى كلمة، وأن الإرادة هي القوة الحقيقية التي تحرك الجبال.
وفي إحدى صالات التدريب داخل جمعية المصرية لتنمية إبداعات متحدي الإعاقة بالإسكندرية، حيث يرتفع صوت الأقدام وهي تخطو على سجاد الجمباز الملون، زرعت بذور الأمل في قلوب هؤلاء الأطفال بدأ كل شيء برغبة بسيطة في الحركة، في التعبير عن الذات، في تجاوز الحدود التي فرضتها عليهم الإعاقة كانت كل قفزة، وكل توازن، وكل حركة بهلوانية، خطوة نحو تحقيق حلم أكبر.
تقول تریزة ایلیا، رئيس الجمعية المصرية لتنمية إبداعات متحدي الإعاقة، لـ«الأسبوع»:إنه في إطار الاهتمام الكبير بالقيادة السياسية و تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي بذوي الاحتياجات الخاصة و ذوي الاعاقة كان من أولوياته هو ملف الإعاقة.
وتابعترئيس الجمعية: تنفيذاً لذلك قامت الجمعية منذ إنشائها عام 2007 بالاهتمام في دمجهم في شتى المجالات الفنية و الرياضية و الاجتماعية مؤكده أن الهدف الرئيسي من الجمعية هو الاهتمام و إبراز مواهب متحدي الإعاقة كالفنية والرياضية وإدماجهم في المجتمع، حيث تم إنشاء أول فرقة فون شعبية لذوي الاعاقة ومن 3 سنوات تم إنشاء أول فرقة دمج لمتحدي الإعاقة وللشباب غير ذوي الإعاقة من الفنون الشعبية.
وأضافت: أنه تم الاهتمام بالرياضة أيضاً داخل الجمعية من ضمنها الجمباز وتم الاهتمام بها اهتمام بالغ حيث تم تدريب الأطفال بشكل اكاديمي و يقوم بالتدريب مجموعة من المدربين متخصصون في التعامل معهم لافته أن الجمعية اشتركت في عدد من الأولمبيات و خوض في البطولات منها بطولة برلين و حوصلنا علي المادلية الذهبية مركز اول علي مستوي العالم التي حصدتها اللاعبة ديانا من ملتزمة الدون و مريم خليل حصدت علي المادلية الذهبية في بطولة الجمهورية.
وأكدت رئيس الجمعية أن رحلتهم لم تكن مفروشة بالورود، بل كانت مليئة بالتحديات والصعاب واجهوا آلاماً جسدية، وتحديات نفسية، وحواجز اجتماعية. لكنهم لم يستسلموا، بل زادهم ذلك إصراراً وعزيمة كانوا يرون في كل تدريب فرصة للتعلم والتطور، وفي كل إنجاز حافزاً للمضي قدمًا.
وأشارت رئيس الجمعية إلى أن الجمباز بالنسبة لهؤلاء الأطفال ليس مجرد رياضة، بل هو أسلوب حياة فهو يعلمهم الانضباط و الصبر و العمل الجماعي والروح الرياضية كما أنه يساهم في بناء شخصياتهم، وزيادة ثقتهم بأنفسهم، وتمكينهم من مواجهة تحديات الحياة اليومية مؤكده أنهم أصبحوا مصدر إلهام للكثيرين، سواء كانوا من ذوي الهمم أم لا وقصتهم تذكرنا بأن الإعاقة ليست عائقًا أمام تحقيق الأحلام، وأن الإرادة القوية هي مفتاح النجاح.
و استطردت رئيس الجمعية أنه لولا الدعم اللامحدود الذي قدمته أسر هؤلاء الأطفال ومدربيهم المتفانين، لما كان هذا الإنجاز ممكناً. فقد لعبوا دورًا حيويًا في تشجيعهم ودفعهم إلى الأمام، وفي توفير بيئة آمنة ومحفزة لهم و أحرزهم علي العديد من البطولات حيث أن الجمباز بصفة خاصة، لا توجد قيود على الإبداع. فكل طفل يضيف لمسة شخصية إلى حركاته، ويعبر عن نفسه بطريقته الخاصة. هذا الأمر يشجع على التفكير الإبداعي، ويساهم في تنمية مهارات حل المشكلات.لافته أن التدريبات ليست مقتصرة علي الجمباز فقط ولكن الجمعية قدمت لذوي الاحتياجات الخاصة و ذوي الاعاقة أن يشاركوا في جميع الرياضات منها العاب القوى و السباحة و غيرها.
وفي نفس السياق، قالت الكابتن زينب خالد، مدربة جمباز وتأهيل حركي لذوي الهمم، لـ “الأسبوع”: إن الشق الرياضي بالنسبة للأطفال متحدي الإعاقة يختلف تماماً عن الإنسان الطبيعي لأنه يحتاج إلي معاملة خاصة في تأهيلهم حيث أن الاعاقات تختلف عن بعضها من ذوي الهمم أو ذوي الاحتياجات أو متلازمة داون أو إعاقة حركية أو بصرية وكل إعاقة ولها معاملتها الخاصة حسب درجتها و بالأخص في المجال الرياض.
وأشارت مدربة الجمباز أن قصة اقتحام أطفال من ذوي الهمم لعالم الجمباز بإسكندرية تعد أكثر من مجرد خبر رياضي عابر، فهي ملحمة إنسانية تعكس قوة الإرادة والتحدي الذي لا يعرف المستحيل هذا الحدث البارز يفتح آفاقًا جديدة للدمج المجتمعي، ويكشف عن أبعاد عميقة حول دور الرياضة في تمكين الأفراد وتغيير النظرة المجتمعية للإعاقة.
وأضافت مدربة الجمباز أن تخطى هؤلاء الأطفال حدود الإعاقة البدنية، حيث أن الرياضة ليست حكرًا على الأصحاء فبمهاراتهم وإصرارهم، أثبتوا أن الجمباز ليس مجرد مجموعة من الحركات البهلوانية، بل هو فن يعبر عن الجمال والقوة والإبداع وهذا ما حصلهم الي البطولات المحلية والعالمية والمدليات الذهبية والفضية والبرونزية.
وأشارت مدربة الجمباز إلى أن التدريبات التي نقوم بها هي هي ما يقوم بها اللاعب العادي ولكن لتكون بإتقان أكثر لافتا أن اقتحام متحدي الإعاقة الألعاب الرياضية و حصلهم علي البطولات فتح الباب أمام المزيد من الأطفال ذوي الهمم لممارسة الرياضات المختلفة، وتطوير قدراتهم البدنية والعقلية.
واختتمت حديثها أن تأثير هذا الحدث لم يكن مقتصرًا على الجانب البدني والاجتماعي فقط، بل امتد إلى الجانب النفسي فقد ساهم هذا الإنجاز في بناء الثقة بالنفس لدى هؤلاء الأطفال، و تعزيز شعورهم بالقيمة الذاتية كما ساعدهم على التغلب على الصعوبات و التحديات التي يواجهونها في حياتهم اليومية، وأعطاهم الأمل في تحقيق أحلامهم وطموحاتهم لافته أن وصول هؤلاء الأطفال الي البطولات المحلية والعالمية انتصارًا كبيرًا للدمج المجتمعي فقد أثبتوا أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، وأنهم يستحقون نفس الفرص والتقدير. كما أن مشاركتهم في هذا النشاط الرياضي ساهمت في تغيير النظرة المجتمعية للأشخاص ذوي الهمم، وتحويلها من نظرة شفقة إلى نظرة إعجاب وإحترام لقدراتهم وإمكاناتهم.