فى إطار الاهتمام الذى يوليه العالم شرقا وغربا بقضايا متحدى الإعاقة. وأيضا فى إطار اعتبار الدولة المصرية، فى عهد الرئيس السيسى، وبدعم شخصى منه، هذا الملف واحدا من أخطر الملفات التى أولتها الدولة عناية فائقة، وحققت فيها إنجازات عديدة لصالح ذوى الاحتياجات الخاصة، تنوعت ما بين مبادرات رئاسية وحكومية فى سبيل دعمهم، وتبلورت فى صورة تشريعات أصدرها مجلس النواب خلال الفترات الماضية. وفى إطار اهتمامى الشخصى بتلك القضية والذى كللته بنشر ورقة علمية بالإنجليزية تحت عنوان: Historical Perspectives on Disability in Egypt: Attitudes and Policies أو «وجهات نظر تاريخية حول الإعاقة فى مصر: المواقف والسياسات»، تحدثت فيها عن المنظور التاريخى للإعاقة فى مصر منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، وقمت باستكشاف المواقف والسياسات تجاه الأفراد ذوى الإعاقة فى العصور التاريخية المختلفة، والسياسات والمبادرات الداعمة لهم عبر التاريخ. بالإضافة إلى الانتهاء من ورقتين بحثيتين حول ريادة الأعمال بين متحدى الإعاقة تم إرسالهما للنشر، بالتعاون مع مركز ريادة الأعمال بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى. أواصل الحديث اليوم عما يواجهه ما يقدر بنحو 12 إلى 15 مليون فرد من ذوى الإعاقة فى مصر، من عقبات تحول بينهم وبين الوصول إلى التعليم وفرص العمل
ولما كانت قضايا الإعاقة ودمج أشخاصها باتت تشغل العالم كله اليوم، فمن أجل تعزيز ثقافة الاندماج فى الحياة والتعليم بأنواعه، ظهرت تقنيات عالمية متقدمة باتت مصدر ترحيب، ومنها تقنية «الميتافيرس» أو Metaverse أو ما يعنى تقنية «المتاهة»، حيث جذبت اهتمامًا عالميا كبيرًا فى السنوات الأخيرة، وعُدت بجانب الذكاء الاصطناعى ثورة حقيقية فى مختلف جوانب حياتنا، بما فى ذلك التعليم. وتشير تقنية الميتافيرس أو «المتاهة» إلى فضاء الواقع الافتراضى حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مع بيئة مولدة بواسطة الكمبيوتر ومع مستخدمين آخرين عبر الإنترنت. وتقدم هذه التقنية العديد من الفرص الكبيرة لتحسين تجارب التعلم والتغلب على العقبات التى يواجهها الطلاب بوجه العموم وطبقت أثناء وباء كوفيد..!، وبالرغم من قلة ما نشر فى الأدبيات العلمية عن استخدام تلك التقنية لأولئك الذين يعانون من قدرات حركية محدودة إلا أن المستقبل سيشهد قفزة نوعية لاستخدامها لذوى الاحتياجات الخاصة، خاصة فى التعليم. حيث تعتبر فرصة جديدة لتحسين التعلم للطلاب ذوى الإعاقة الحركية، فمن خلال استخدام العوالم الافتراضية، يمكن لهؤلاء الطلاب المشاركة فى أنشطة كانت غير متاحة لهم فى السابق. وفى أحدث مقال فى أحد المواقع المهتمة بمتحدى الإعاقة
يتحدث عن كيف يمكن لتقنية الميتافيرس أن تصبح بابا جديدا لمتحدى الإعاقة، وأنقل عنه ما يلى: غالبًا ما يُستبعد الطلاب ذوو الإعاقة الجسدية من الرحلات المدرسية. ومع ذلك، تتيح رحلات «المتاهة» الافتراضية المشاركة الكاملة، حيث يمكن للطلاب أن ينغمسوا فى جولات تفاعلية ثلاثية الأبعاد فى المتاحف، ويسافروا داخل المعالم التاريخية، ويزوروا وجهات عالمية غير مألوفة. كما أن ممارسة الألعاب الجسدية التقليدية تواجه تحديات جمة للطلاب ذوى الإعاقة فى الحركة، ولكن من خلال استخدام تقنية «المتاهة» يلعبون جنبًا إلى جنب مع زملائهم فى عوالم افتراضية مما يقوى الروابط الاجتماعية بينهم. كما تخلق تقنية «المتاهة» محاكاة صعب إعادة إنتاجها جسديًا، مثل تجربة السفر إلى الفضاء أو استكشاف أعماق البحار أو الحفريات الأثرية. كما يتعلم الطلاب ذوو الإعاقة من خلال التجارب العملية حل المشكلات الجماعية ويتشاركون تجارب الأقران حتى عندما تكون حركتهم محدودة. وفى المعامل الدراسية هناك بعض التجارب المخبرية تتضمن مواد كيميائية أو مكونات يمكن أن تشكل مخاطر صحية للطلاب الذين يعانون من حالات صحية. لكن المختبرات الافتراضية فى «المتاهة» تُبقى الطلاب ذوى الإعاقة آمنين، بينما توفر محاكاة تجربة حقيقية. وبهذا تتطور مهارات العلوم لديهم. وهناك أمر كثيرا ما يواجه العديد من الطلاب ذوى الإعاقة، حيث يشعرون بالرهبة عند تقديمهم أمام جماهير حية، مما يجعلهم يتجنبون فرص ممارسة التواصل العام. وهنا توفر تلك التقنية أماكن افتراضية ومساحات آمنة للتدريب على تقديم العروض والأداء المسرحى مع تعليقات الأقران قبل الظهور الحقيقى مما يبنى الثقة تدريجياً. كما أن قيود الحركة تعوق عرض بعض مواهب الطلاب علنيًا. وهنا تمكن تقنية «المتاهة» الطلاب ذوى الإعاقة من بث قدراتهم الإبداعية على نطاق واسع من خلال المعارض الفنية الرقمية والحفلات الافتراضية والاختراعات المشتركة أو تخصيص الشخصيات الرمزية. ويمكن للمعلمين بناء مساحات افتراضية تتناسب مع الاحتياجات الجسدية والعاطفية والحسية والتعلمية الفريدة حتى يشعر الطلاب ذوو الإعاقة بالقبول والانتماء. وتساعد تلك التقنية على تعلم الطلاب استكشاف مجالات العمل، وتقدم الفرص للتعرف على مهن متنوعة من خلال تجارب معاشة. وبغض النظر عن الإعاقة، يمكن للطلاب اكتشاف شغفهم المهنى، وتوسيع تعرفهم للمهن والطموحات المستقبلية. وغالبًا ما تكون الموارد التعليمية التقليدية غير متاحة أو صعبة الوصول للطلاب ذوى الإعاقة الحركية ويتم توفيرها بالوصول إلى مصادر التعلم الرقمية مثل المكتبات الافتراضية والمحاضرات التسجيلية والمواد التعليمية المتفاعلة. أيضا يمكن للطلاب استكشاف الموارد والتعلم بأنفسهم بسهولة وفقًا لسرعتهم واحتياجاتهم الفردية. كما يمكن أيضا تقديم تدريب مهنى وتعليم مهارات عملية للطلاب ذوى الإعاقة، بتفاعلهم مع بيئات افتراضية تحاكى سيناريوهات العمل الواقعية والمهارات المطلوبة فى مجالات مثل التصميم الهندسى أو البرمجة، مما يساهم فى تطوير مهاراتهم وزيادة فرص العمل فى المستقبل، حيث يساعدهم على التعبير عن أنفسهم وتطوير مهاراتهم الإبداعية، واستخدام أدوات إبداعية مثل الرسم ثلاثى الأبعاد والتصميم والنمذجة، مما يساعد فى تحويل أفكارهم إلى واقع افتراضى واستكشاف إمكانيات التصميم والابتكار. أما عن الجانب الاجتماعى فغالبًا ما يشعر الطلاب ذوو الإعاقة الحركية بالعزلة الاجتماعية والانفصال عن الأنشطة الاجتماعية. وهنا يمكن للطلاب الانضمام إلى مجتمعات افتراضية والتفاعل مع الأشخاص من جميع أنحاء العالم، مما يسهم فى بناء علاقات اجتماعية. أخيرا فيمكن لتلك التقنية أن تكون مصدرًا للدعم النفسى والعاطفى للطلاب ذوى الإعاقة الحركية من خلال التواصل مع مستشارين تعليميين أو مجتمعات دعم نفسى افتراضية لمناقشة التحديات التى يواجهونها والحصول على المشورة والدعم مما يكون له تأثير إيجابى على الصحة العقلية والعافية العامة للطلاب