تصل الكتلة الحيوية الكاملة لجسم الحوت إلى 150 طناً يمكن أن تعيش لأكثر من 100 سنة، وتتكون في معظمها من الكربون
قام علماء – بمن فيهم خبراء متخصصون من “جامعة آلاسكا ساوث إيست” University of Alaska Southeast في الولايات المتحدة، بتحليل دور الحيتان في الدورة العالمية للكربون، وكيف يمكن لتلك الحيوانات البحرية المساهمة في تقليل النسبة الإجمالية لغاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض.
وأشار العلماء في بحثهم إلى أن “فهم دور الحيتان في دورة الكربون، يعد مجالاً ديناميكياً وناشئاً على حدسواء، والذي قد يفيد استراتيجيات الحفاظ على البيئة البحرية ومعالجة تغير المناخ حول العالم”.
وفيما تتكوّن الكتلة الحيوية الكاملة للحوت – التي يصل وزنها إلى 150 طنّاً ويمكن أن تبلغ دورته الحيوية أكثر من 100 سنة – إلى حد كبير من مادّة الكربون، يرى العلماء أن عمالقة المحيطات هذه، تشكل أحد أكبر الأحواض الحيّة للكربون في المحيطات، وتعد جزءاً من النظام البحري المسؤول عن تخزين أكثر من خمس إجمالي الكربون على كوكب الأرض.
ويوضح معدوالبحث أن “حجم الحيتان وطول عمرها يسمحان لها بأن تمارس تأثيراتٍ قوية في دورة الكربون، من خلال تخزينه بفاعليةٍ أكبر من الحيوانات الصغيرة، والتهام كميّاتٍ كبيرة من الفرائس، وطرح كميّات كبيرة من الفضلات”.
ويضيف معدو البحث أنه “نظراً إلى أن “الحيتان البالينية” Baleen Whales (أكبر حيوانات المحيطات، وتشمل الحوت الأزرق الضخم) تقطع أطول طرق الهجرة على وجه الأرض، فمن المحتمل أن تؤثر في ديناميكيات المغذيّات [طريقة امتصاص العناصر الغذائية والاحتفاظ بها ونقلها وتدويرها بمرور الوقت والمسافة في نظام بيئي] وعلى دورة الكربون على مستوى المحيط”.
ويستهلك الحوت الأزرق يومياً ما يوازي 4 في المئة من وزن جسمه الضخم من حيوانات الكريل البحرية (طولها نحو 6 سنتيمترات ووزنها غرامان، وتشكّل جزءاً مهمّاً من النظام الغذائي للحيتان والفقمات وغيرها) ومن العوالق التي تعيش على عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis (استخدام ضوء الشمس لجمع العناصر الغذائية من ثاني أكسيد الكربون والماء). ويمكن لهذا الحوت، الذي هو أكبر حيوانٍ في العالم، أن يتناول نحو 3629 كيلوغراماً من الطعام من هذه الكائنات الحية.
وتُعدّ الفضلات التي تطرحها الحيتان بعد تناول هذه الكائنات غنيةً بالعناصر الغذائية المهمّة التي تساعد هي الأخرى حيوانات الكريل والعوالق على الازدهار، ما يسهم في زيادة عملية التمثيل الضوئي وتخزين الكربون في المحيطات من الغلاف الجوّي.
في المقابل، عندما تَنفُق هذه الثدييات العملاقة في المحيطات، تستقرّ أبدانها في قاع البحار، فينتقل تالياً الكربون الذي تحتويه مرّةً أخرى إلى أعماق المياه.
إلا أن العلماء ينبّهون إلى أن الصيد التجاري، أدّى إلى تراجع أعداد الحيتان بأكثر من 80 في المئة، الأمر الذي تسبّب بانعكاساتٍ غير معروفة بعد على إعادة التدوير البيئي للكربون في المحيطات.
وكتب العلماء في دراستهم الجديدة أن “محاولات إنقاذ الحيتان وزيادة عددها، تنطوي على تعزيز مستدامٍ ذاتي على المدى الطويل لمخزون الكربون في المحيطات. ولن يكتمل الدور الفاعل الذي تضطلع به الحيتان الكبيرة في خفض ثاني أوكسيد الكربون إلا من خلال اتّخاذ إجراءات حاسمة على مستوى توفير الحماية والإدارة اللازمة ذات الصلة، لتعزيز زيادتها وتكاثرها بشكلٍ مباشر”.
وختموا بالقول: “نقترح تطبيق المبدأ الوقائي، لتعزيز تعافي جميع سلالات الحيتان، كجزء من النظام البيئي الشامل لحماية الكائنات الحية”.