لم يكن الشعار الذى أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى على عام 2018 بأنه عام “ذوى الإعاقة” مجرد شعار اعتدنا إطلاقه دون نتائج على أرض الواقع، بل حقيقة ملموسة تشهدها العين ويتقبلها العقل بعد سنوات من التهميش والانعزال، فما يشهده أصحاب القدرات الفائقة فى تلك الأيام لا يمكن وصفه إلا بالطفرة غير المسبوقة، واتسع أفق أمانيهم من مجرد اشتراك مترو مخفض التكلفة إلى تحدى كل صعب واقتحام مجالات كانت لسنوات حكرا على الأسوياء وكأنهم يدفعون ضريبة عجزهم الذى لم يكن لهم فيه اختيار، فهل كنت تتخيل أن ترى إعلاميًا أو ممثلًا من ذوى الإعاقة؟ بالطبع لا؛ كانت الفكرة مجرد حلم يصعب تقبله حتى تحول إلى حقيقة فى عام 2018 .
الشعلة انطلقت من أكاديمية الفنون، فيبدو أن الفنان أشرف زكى يتبنى إجراءات إصلاحية جديدة بعد توليه رئاسة أكاديمية الفنون خلفا للدكتورة أحلام يونس، بدأت تلك التوجهات بقبول طلاب من ذوى الاحتياجات بمعاهد الأكاديمية المختلفة، آخرها قبول طالبين من الصم بالمعهد العالى للفنون المسرحية دفعة 2018، فى خطوة تأخرت كثيرا منذ إنشاء الأكاديمية.
لم تكن تلك الخطوة فى خطة أكاديمية الفنون فى الماضى لاعتبارات عديدة أبرزها، أن الممثل لابد أن يتمتع بحواسه كاملة، فالصوت أحد أهم أدوات الممثل، به يستطيع التواصل مع المتلقى، وعلى اختلاف الإعاقة يرى بعض المتخصصين أنها تمنع الممثل من أداء بعض الأدوار، لأن الممثل لابد أن يجسد أى دور فى الواقع، وليست كل الشخصيات فى عالمنا معاقة، فكيف ستتعامل الأكاديمية مع هذا التحدى؟ وكيف سيتواصل معهم الأساتذة داخل معاهد الأكاديمية خاصة أنهم غير متخصصين فى التعامل مع ذوى الإعاقة على وجه خاص؟
قال رئيس أكاديمية الفنون أشرف زكى فى تصريحات خاصة لـ”اليوم السابع”، إن الأكاديمية قبلت فى اختبارات عام 2018 طلابا من ذوى الاحتياجات الخاصة بجميع معاهد الأكاديمية، فهم جزء من المجتمع ولاننكر أنهم موهوبون لكن الله أنعم عليهم بهذه المحنة.
وعن قبول طالبين من الصم بالمعهد العالى للفنون المسرحية، أوضح زكى أن جسد الممثل مهم جدا ونلاحظ ذلك عند مشاهدتنا عروضا مسرحية من مختلف دول العالم المشاركة فى مهرجانات مصرية، مشيرا إلى أن طلاب الصم بارعون فى التمثيل الصامت والتعبير الحركى.
وأضاف زكى، أن هناك توجها فى الأكاديمية بقبول طلاب ذوى الإعاقة، فمثلا قبلنا طلابا معاقين فى معاهد الموسيقى وشاهدنا لهم عروضا أدهشتنا وأحرجتنا كأصحاء، لافتا إلى أن الأكاديمية استثنت هؤلاء الطلاب من شروط القبول، لأن حالتهم مختلفة ، فى خطوة لتسهيل قبولهم بمعاهد الأكاديمية المختلفة، وتذليل العقبات أمام الموهوبين منهم.
ربما يتساءل البعض؛ ما مستقبل هؤلاء الطلاب مهنيا؟ هل يتقبلهم السوق الفنى بعد تخرجهم من الأكاديمية؟ هل يمكن أن نرى فيلما أو مسلسلا دراميا من بطولة ذوى الإعاقة؟ أم يتوقف حلمهم عند الدراسة فقط؟ الإجابة تجدها فى فيلم “خطيب مراتى”.
ففى حدث غير مسبوق فى تاريخ السينما فى الشرق الأوسط والعالم سيتم عرض نسختين من فيلم “خطيب مراتى” إحداهما ناطقة، وأخرى بلغة الإشارة أبطالها من الصم وضعاف السمع هم محمد طارق ومصطفى هاشم وهاجر جمال «مادونا» وصفوت حسن، وسيلفيا سامى وأحمد رجال ودعاء السيد وأحمد جمال ومجدى محمد وفوزية على وسوزى سويلم وأسامة يوسف.
قد يتخوف صناع السينما من مصير تلك الأعمال تجاريًا، خاصة أن السينما شأنها شأن أى صناعة تسعى للتربح وتتجنب الخسارة، وبالتالى فقد تواجه الفكرة تهديد بالفشل، لكن يكفيك أن تعرف أن هناك 7.5 مليون أصم وأبكم فى مصر – بحسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة – إذن نحن أمام رقم لا يمكن إغفاله فى الصناعة، ويمكن استغلاله تجاريا.
وفى شكل جديد من أشكال الثورة على السائد، وصل قطار ذوى الإعاقة إلى التليفزيون وتقديم البرامج، إذ تعد رحمة خالد أول مصابة بمتلازمة داون تقدم برنامجًا على الشاشات المصرية، ولاقت تشجيعا كبيرا من كبار الفنانين الذين حلوا ضيوفا على برنامجها مثل محمد هنيدى وأشرف عبد الباقى ويسرا، وذلك بعد أن عبرت فى أكثر من لقاء لها على حلمها بالعمل كمذيعة وتلقت رحمة دورات تدريبية متخصصة فى التقديم الإذاعى والعمل الإعلامي، خلال الأشهر الماضية، وظهرت خلال حلقة بإحدى القنوات لتقديم فقرة صغيرة لمدة دقائق.
رحمة تقدم منذ عامين، فقرة فى البرنامج الإذاعى «أطفال اليوم» على راديو «صوت العرب»، وهى بطلة سباحة، حصلت على المركز الأول فى بطولة السباحة للأولمبياد لسنة 2010، 2011، وأيضا بطولة الجمهورية عام 2010 وحضرت مؤتمر الشباب الأول المقام فى لبنان على هامش البطولة الإقليمية العاشرة فى 9/2012 كمتحدث رسمى لذوى القدرات الخاصة.