آثارت قرارات مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية برئاسة الدكتور محمد عمران، خلال الفترة الماضية العديد من الخلافات مع أطراف السوق منها إلزام المساهم الرئيسى بشركة راية تقديم عرض شراء إجبارى للشركة، والعقوبات الضخمة ضد شركة بلتون المالية، إلا أن الخلاف الأخير تصدر المشهد بسوق المال.
ودارت العديد من العلامات الاستفهام حول قرارات الهيئة ضد “بلتون” بسبب شدة العقوبات وصدورها فجأة، والأمر الأهم أسبابها أو المخالفات التى ارتكبتها الشركة، لذا نسرد فى التقرير التالى الصورة الكاملة للأزمة منذ بدايتها وحتى كتابة هذه السطور، وفقا لوثائق أطلعت عليها ومصادر وثيقة الصلة تحدثت معها.
بداية الأزمة
منذ 20 يوماً بالتمام، أصدر الدكتور محمد عمران رئيس هيئة الرقابة المالية، قرارين رقم 170، 171 لسنة 2018، بمنع شركة بلتون لترويج وتغطية الاكتتابات من مزاولة نشاطها لمدة 6 شهور، وفقا للبند ب من المادة رقم 31 من قانون سوق المال، وإلزام شركة بلتون لتداول الأوراق المالية بزيادة قيمة التأمين المودع منها إلى 50 مليون جنيه لمدة عام، وذلك خلال شهر من تاريخ صدور القرار، إعمالا للبند و من المادة رقم 31 من قانون سوق المال.
وأرجعت الهيئة، بعدها بأربع أيام بعد مطالبات عديدة من “بلتون” وتقديمها تظلم، أسباب القرار الأول الخاص بشركة بلتون لترويج وتغطية الاكتتاب إلى أولا مخالفة الشركة أحكام نشرة الطرح المعتمدة من الهيئة عند استخدام نظام الـBook Building لتحديد سعر الطرح النهائى الأمر الذى ترتب عليه عدم صحة إجراءات تحديد السعر النهائى للطرح ونسبة التغطية لشريحة الطرح الخاص، ثانيا مخالفة أحكام نشرة الطرح المعتمدة من الهيئة، ومخالفة حكم المادة (121/2) من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 حيث أن سعر الطرح البالغ 7.36 جنيه للسهم تم تحديده بالاتفاق بين مدير الطرح والشركة المصدرة وليس ناتجاً عن عملية البناء السعرى المستخدم.
ثالثا مخالفة حكم المادة (321/3) من اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 وذلك لقيام شركة بلتون لترويج وتغطية الاكتتاب بنشر أخبار غير صحيحة ومضللة بشأن نسبة التغطية الخاصة بالطرح الخاص والسعر النهائى للطرح، وهو الأمر الذى يمثل مخالفة وفقاً لحكم المادة 2،3،4/63 من القانون رقم 95 لسنة 1992 علاوة على ما ستسفر عنه نتيجة التحقيقات الجارية.
وأرجعت الهيئة إصدار القرار الثانى الخاص بشركة بلتون لتداول الأوراق المالية، إلى 3 أسباب وهى أولا مخالفة أحكام نشرة الطرح المعتمدة من الهيئة فيما يخص تلقى طلبات الاكتتاب بدون سعر وفى بعض الأحيان بدون كميات، ثانيا مخالفة أحكام الباب التاسع من اللائحة التنفيذية فيما يخص تمويل عمليات شراء عملاء الطرح الخاص، ثالثا مخالفة أحكام الباب الحادى عشر (المادة321/3) لنشر أخبار مضللة.
وحددت هيئة الرقابة المالية، يوم 7 نوفمبر الجارى لشركة بلتون للاستماع إليها وتقديم المستندات، وبالفعل أعدت “بلتون” حافظة ضخمة من الأوراق تنفى كل الاتهامات السابقة، مدعومة بخطابين من جمعية الأوراق المالية المصرية “ايكما” وشركة مصر للمقاصة، تثبتان صحة إجراءات الطرح الخاص ونظام الـBook Building المتبع، وطريقة تسوية الاكتتاب.
القضاء الإدارى
وفى هذه الأثناء تسببت العقوبات الصارمة فى تأثيرات سلبية عديدة على “بلتون” منها تأثر سهم الشركة بالبورصة نتيجة الإساءة لسمعتها، كما تأثرت بشدة الحصة السوقية لشركة السمسرة سلباً، علاوة على الإساءة لسمعة الشركة فى سوق الأوراق المالية مما أدى إلى تقديم بعض العملاء شكاوى دون محتوى حقيقى، وذلك استغلالاً لعدم وضوح الموقف الخاص بالمخالفات، التأثير الأسوأ كان طلب الشركة التابعة أورباخ جرايسون بالولايات المتحدة الأمريكية، معرفة أسباب قرار هيئة الرقابة المصرية، واستفسارات من الجهات الرقابية بأمريكا عن الوضع، مما اضطرها إلى رفع دعوى أمام القضاء الإدارى لوقف القرار.
ونظرت الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى، يوم الأحد الماضى أول جلسات الدعوى، والتى قررت تأجيل نظر الطعون المقدمة لجلسة أول ديسمبر المقبل فى الشق المستعجل.
وخلال الجلسة، أكد مكتب معتوق بسيونى –المستشار القانونى لشركة بلتون- أن جميع المخالفات المنسوب صدورها لبلتون تنتفى تماماً فى حق الشركة، مضيفا أن الهيئة لم تقدم دليل واحد على صحة المخالفات، وفند إدعاءات الهيئة.
وقال المحامى عثمان موافى وكيل مكتب معتوق بسيونى، إن الهيئة أدعت مخالفة “بلتون” لأحكام نشرة الطرح فيما يخص تلقى طلبات الاكتتاب بدون سعر وفى بعض الأحيان دون كميات، فى حين أن جميع الأوامر التى تسلمتها الشركة ورد بها تحديد إما القيمة المراد الاكتتاب فى حدودها، أو فى حدود النطاق السعرى المعلن بطلب الاكتتاب أو فقا لسعر strike.
وبالنسبة لإدعاء مخالفة “بلتون” تمويل عمليات شراء عملاء الطرح الخاص، رد “موافى” أنه وفقا لشروط الطرح يحدد مديره طريقة تلقى الأوامر، وهى إعطاء الحق لسمسار الطرح فى تحصيل دفعة مقدمة أو عدم تحصيلها من عملاء التسليم مقابل الدفع والعملاء ذوى الملاءة المالية الذين لهم علاقة بسمسار الطرح، متابعاً ومع ذلك حصلت شركة السمسرة على تعهدات مكتوبة من العملاء قبل إدراج أوامرهم بالطرح الخاص بسداد كامل قيمة الأسهم المخصصة لهم فى الطرح قبل التسوية.
أما عن نشر “بلتون” أخبار مضللة عن نسبة التغطية، أشار “موافى”، إلى أن الشركة غير مسئولة عن نشر أى أخبار تخص عمليات الطرح سواء وفقاً لنشرة الطرح أو حتى وفقاً للمتعارف عليه، كما لم يثبت لدى الهيئة قيام الشركة بأى نوع من أنواع النشر لأخبار مضللة عن نسبة التغطية لإيهام المتعاملين معها.
وحول إدعاء الهيئة مخالفة “بلتون” أحكام نشرة الطرح عند استخدام نظام الـBook Building، شرح “موافى” خطوات التزام الشركة بالنظام، بداية من تحديد نشرة الطرح -المعتمدة من الهيئة- الحد السعرى الأقصى لسهم شركة ثروة كابيتال بقيمة 8.5 جنيه، ثم الاتفاق مع “ثروة” على الحد السعرى للاكتتاب ما بين 7.04 إلى 8 جنيهات، ثم تسجيل أوامر الشراء عن طريقة تقديم طلبات لشركة السمسرة وهى شركة بلتون للسمسرة، والتى تولت إبلاغ مدير الطرح والشركة المصدرة بما تتلقاه من طلبات الاكتتاب حتى يتمكن مدير الطرح والشركة المصدرة من تحديد السعر النهائى للسهم.
وتابع :”فور إغلاق موعد الاكتتاب، قام مدير الطرح مع الشركة المصدرة بإعلان السعر النهائى للسهم-فى ضوء نظام الـBook Building– وما أسفر عنه من أسعار متفاوتة لطلبات الاكتتاب بحد أدنى 7.45 جنيه وبحد أقصى 8 جنيهات، وفقاً لما يحقق صالح الطرح والمستثمرين بشكل عام على أن يسرى السعر النهائى على جميع المكتتبين، وقد تم تحديد ذلك السعر بنحو 7.36 جنيه”، مؤكداً أن “بلتون” التزمت بالمعايير المتعارف عليها.
وقال “موافى”، إن شركة بلتون لم يتثن لها ولم تخطرها الهيئة بطبيعة مخالفة نظام الـBook Building الأمر الذى يجعل اتهام الهيئة مبهم وغير واضح سواء بالنسبة لشركة بلتون أو المتعاملين فى سوق رأس المال من ذوى الخبرة.
أما عن الخلاف الأبرز الأشهر الخاص بنسبة التغطية للطرح الخاص، قال إن الهيئة أدعت كون حجم التغطية غير صحيح، دون أن تقيم دليلاً على الحجم الصحيح للتغطية السليم، لافتا إلى أن حجم التغطية ليس لزاماً أصلاً على الشركة الإفصاح عنه قانوناً، وإن كل التزامها وفقاً لنشرة الطرح ينصب على إعلان السعر النهائى للسهم فقط، وكذلك من الناحية العملية والواقعية فإنه ليس له ثمة أثر على جمهور المتداولين بالبورصة بصفة عامة، وكذلك جمهور المكتتبين فى الطرح العام والخاص فى الطرح المماثل للأسباب التى سوف نوضحها لاحقاً.
فيما رد “موافى” على إدعاء تحديد سعر الطرح بالاتفاق بين مدير الطرح والشركة المصدرة وليس ناتجاً عن عملية البناء السعرى المستخدم، بأن بلتون اعتمدت فى حساب السعر النهائى على الـBook Building إلا أن الهيئة خلطت بينه وبين عملية البناء السعرى الذى انتشر مؤخراً فى عدد من الدول العربية، مضيفا كما لم تقدم الهيئة دليل للطريقة النموذجية التى يتضح منها كيفية تقديرها لحساب تسعير السهم محل الطرح بنظام الـBook Building على نحو صحيح.
وطالب المحامى فى نهاية المرافعة، بضم محضر اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية والمنعقد يوم 31 أكتوبر الماضي مرفقاً به توقيعات الحاضرين للاجتماع، نظراً لعدم إطلاع الشركة عليه، فضلاً عن تقرير لجنة الإلزام والذى لم تحصل الشركة على نسخة منه، ووجه لها الاتهامات في خطاب من الرقابة المالية فقط.