ألقى الرئيس عبدالفتاح السيسي كلمة اليوم، في إطار قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي، التي تختتم أعمالها ببكين مساء اليوم الثلاثاء، وكان أول المتحدثين في جلسة المائدة المستديرة الثانية المنعقدة اليوم.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال قمة منتدى التعاون «الصين – إفريقيا»:
«السيد الرئيس/ شي جين بينج،
الأخوة أصحاب الفخامة والسعادة رؤساء الدول والحكومات،
الحضور الكريم،
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بجزيل الشكر للرئيس (شي جين بينج) رئيس جمهورية الصين الشعبية، ولشعب الصين الصديق، على ما لمسناه من حفاوة الضيافة والاستقبال خلال استضافة بكين لهذه القمة المهمة، كما أتقدم بالشكر والتقدير للرئاسة المشتركة للمنتدى، وللرئيس (سيريل رامافوزا) رئيس جمهورية جنوب إفريقيا، على ما تم بذله من جهد دؤوب خلال السنوات الماضية لتوطيد الشراكة الإفريقية الصينية، ما جعل هذا المنتدى علامة بارزة وأحد أهم الشراكات الأفريقية الاستراتيجية.
السيد الرئيس،
لقد أضحى منتدى التعاون الصين إفريقيا مثالاً يُحتذى به، للتعاون الفعال والبنّاء بين الدول النامية، ونموذجاً فاعلاً لأُطر التعاون الإفريقي متعددة الأطراف، فاليوم استعرضنا النجاح المتحقق في تنفيذ خطة العمل المشترك الصادرة عن قمة جوهانسبرج، والتي حددت آفاق التعاون المشترك في الفترة من 2016 إلى 2018، وسنعتمد اليوم خطة عمل جديدة وطموحة للسنوات الثلاث القادمة، تتطرق إلى مختلف مجالات التنمية، سعياً لتحقيق تطلعات شعوبنا في العيش الكريم والاستقرار والرخاء، من خلال تهيئة المناخ المناسب للتنمية المستدامة، والتغلب على تحديات العصر، استناداً إلى حزم من الحلول المبتكرة، التي تتناسب مع المعطيات المعاصرة وإمكانات شعوبنا وثرواتها البشرية، وتقوم على الربط بين مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، وأجندة إفريقيا التنموية 2063، وهو نهج إيجابي يجمع بين مقدرات النمو للطرفين من ناحية، ويدلل على وحدة الهدف والثقة المتبادلة بين الجانبين الأفريقي والصيني من ناحية أخرى.
أصحاب الفخامة والسعادة رؤساء الدول والحكومات،
لقد اهتمت مصر دوماً بتعزيز التنسيق والتعاون بين الدول النامية، بما يضمن تمثيل وجهة نظرها على الساحة الدولية وحماية مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعل جهود مصر خلال رئاستها الحالية لمجموعة الـ77 والصين، خير دليل على توافر الإرادة والعزيمة لتطوير التعاون بين الدول النامية بما يحقق عالماً أكثر انصافاً، يضمن فيه كل إنسان نصيباً عادلاً من التنمية والعيش الكريم، وستستمر مصر خلال الأعوام المقبلة في العمل على تطوير وتعزيز أُطر التعاون «جنوب – جنوب»، ومنصات التعاون الثلاثي، لخدمة مصالح الشعوب الإفريقية والدول النامية.
وتبرز أهمية الشراكة الإفريقية الصينية، التي نجحت ولاتزال، في تنسيق مواقف الدول النامية على الصعيد الدولي في العديد من الملفات المحورية، مثل ترسيخ مبدأ الملكية الوطنية لبرامج التنمية، في إطار مفاوضات إصلاح منظومة تمويل التنمية الأممية، فضلاً عن تأييد الصين الثابت للموقف الإفريقي الموحد بالنسبة لإصلاح مجلس الأمن وفقاً لتوافق «أوزليني» ومُخرجات قمة «سرت»، وإزالة الظلم التاريخي الواقع على الدول الإفريقية.
إن تحقيق التنمية المستدامة وتوفير مزيد من فرص العمل للشعوب الإفريقية، وتطوير البنية التحتية القارية، وتعزيز حرية التجارة في إطار اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية القارية، وتطوير المنظومة الاقتصادية الإفريقية وتنويعها، وتعزيز المنظومة الصناعية، هي عناصر رئيسية ضمن أجندة أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي في 2019، حيث بات جلياً أن التنمية والتحديث هما أقوى سلاح لمجابهة أغلب التحديات المعاصرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كالإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة، والفقر والمرض، والحمائية الاقتصادية والتجارية.
السيد الرئيس،
الأخوة أصحاب الفخامة والسعادة،
تؤكد مصر أهمية مواصلة العمل على تعزيز وتفعيل الشراكة الإفريقية الصينية، لما تمثله من فاعلية ومصداقية، فضلاً عن قيامها على أساس المنفعة المتبادلة والمكاسب المشتركة، وستحرص مصر كل الحرص خلال الفترة المقبلة، على تكثيف التعاون والتنسيق مع الرئاسة المشتركة للمنتدى، لتفعيل خطة عمل 2019 – 2022 للتعاون بين إفريقيا والصين.
كما تؤمن مصر بأهمية التكامل بين مبادرات التنمية المختلفة، لاسيما مبادرة الحزام والطريق، وأجندة تنمية وتحديث أفريقيا 2063.
وفي هذا الإطار، تقدم مصر المنطقة الاقتصادية لقناة السويس للعالم كمركز لوجيستي واقتصادي، يسهم بفاعلية في تطوير حركة الملاحة الدولية، ويعزز من حرية التجارة العالمية، ويفتح آفاقاً استثمارية رحبة في مجالات النقل والطاقة والبينة التحتية والخدمات التجارية، ليكون محور قناة السويس رابطاً تجارياً واقتصاديا وإنسانياً، يتكامل مع مبادرة “الحزام والطريق”، ويربطها بإفريقيا.
السيد الرئيس،
في ختام مداخلتي، أود أن أثمن التوجه الصيني بقيادة فخامتكم، لتعزيز التعاون وتكثيف التشاور مع أفريقيا، بالاستناد إلى مقاربة إيجابية صادقة، تقوم على ترسيخ القواسم المشتركة، وتعزيز أواصر الصلة بين شعوبنا، وتُعني بتحقيق تنمية مستدامة فعلية، تستجيب لمتطلبات الشعوب الإفريقية، في إطار من المصلحة المشتركة واحترام سيادة الدول ومُقدراتها.
ولا يفوتني في هذا المقام كذلك، أن أجدد الشكر لجمهورية جنوب أفريقيا الشقيقة ولأخي الرئيس «رامافوزا»، على ما بذله من جهود صادقة خلال رئاسة جنوب إفريقيا المشتركة لمنتدى التعاون الصين – إفريقيا خلال السنوات الماضية، وأن أتوجه بالتهنئة لأخي فخامة الرئيس «ماكي سال» بمناسبة تولي السنغال الرئاسة المشتركة للمنتدي للأعوام الثلاثة القادمة، وكلي ثقة في قدرة السنغال على استكمال مسيرة الرئاسة المشتركة للمنتدى لتحقيق الأهداف المرجوة.
وأخيراً وليس آخراً، ستظل مصر داعمة لجهود التعاون الدولي، حريصة ومنفتحة على تعظيم الاستفادة من أطره المختلفة لتحقيق التنمية المستدامة، بما يلبي آمال وتطلعات الشعب المصري وكافة الشعوب الشقيقة والصديقة».