بقلم علي الفاتح:-
هل خالف السفير السابق معصوم مرزوق القانون عندما طالب باستفتاء شعبي على شرعية الرئيس والنظام السياسي،والخروج في تظاهرات إلى ميدان التحرير في الحادي والثلاثين من أغسطس حال رفضت الدولة الاستجابة لمبادرته؟!،هل كان ينبغي على الدولة التعامل مع مبادرة معصوم عبر أدوات السياسة بالدخول معه في حوار حول مطالبه،بينما لم تمر سوى بضعة أشهر على إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية؟!،هل كان على الاعلام المصري استضافة السفير السابق ليطرح مبادرته،باعتبارها وجهة نظر سياسية معارضة يكفل الدستور والقانون لصاحبها حرية التعبير عنها؟!.
هل علينا تقبل ظهور معصوم مرزوق ورفقاءه ممن يعتبرون أنفسهم معارضين سياسيين على شاشات تنظيم يصنفه القانون المصري كمنظمة إرهابية؟!.
أليست قنوات الدول والجماعات التي تدعم الارهاب من المحرمات السياسية شأنها في ذلك القنوات الاسرائيلية،وأن التعامل مع إعلام العدو يعني بالضرورة الاتصال والتنسيق مع أجهزة المخابرات التابع لها؟!.
لماذا يفكر بعض الناصريين واليساريين واللبراليين بنفس منطق معصوم مرزوق ويدينون القبض عليه؟!،وهل يعتبر هؤلاء جماعة الاخوان تنظيما ارهابيا؟!.
لا ينبغي قراءة قصة السفير السابق معصوم مرزوق،بداية من مبادرته،وصولا إلى لحظة القبض عليه،بعيدا عما سبقه من دعوات ومبادرات ومؤامرات اخوانية تستهدف استقرار الدولة،بدأت بدعوات ما يسمى بالتيار المدنى إلى عدم الاعتراف بشرعية الانتخابات الرئاسية الماضية،وما تلاها من مبادرات حاولت إظهار الدولة المصرية مأزومة وتعاني من وضع خطير يستحيل معه الحوار المباشر بين الفرقاء المصريين كما جاء في مبادرة القيادي الإخواني كمال الهلباوي عندما اقترح تشكيل مجلس حكماء يضم أطراف العملية السياسية المصرية وآخرون من المحيط الاقليمي والدولي لمصر لتقريب وجهات النظر وصولا إلى إجراء مصالحة بين الدولة وجماعته الارهابية.
مبادرة معصوم جاءت متماهية أيضا مع نهج عبد المنعم أبو الفتوح الذي راح يهاجم الدولة المصرية عبر قنوات الارهاب،الجزيرة وأخواتها،في سياق مخطط اتفق عليه مع قيادات التنظيم الدولي أثناء زياراته إلى جنوب افريقيا وبعض العواصم الأوروبية.
الحبس الاحتياطي والخضوع للتحقيق كان المصير القانوني لمعصوم وأبو الفتوح،والتهمة تتشابه في كل أبعادها،باستثناء أن أبو الفتوح متهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية بينما معصوم متهم بالاشتراك مع نفس الجماعة في التآمر على الدولة ومؤسساتها.
الطعن في شرعية النظام السياسي والعمل على تشويه صورة مؤسسات الدولة،وإظهارها ضعيفة مضطربة تعاني توترا سياسيا حادا الهدف الرئيسي لكل الدعوات والمبادرات التي أطلقها ما يسمى برموز التيار المدني وأيدتها ودعمتها جماعة الارهاب بحرب الشائعات الممنهجة التي تشنها مستخدمة هذا التيار وميليشياته الالكترونية كأدوات تعمل في اطار جيشها الالكتروني وأبواقها الإعلامية.
كما دعمتها بعمليات ارهابية واجرامية تنفذها خلايا مسلحة في القاهرة وما حولها لتكون بمثابة الدليل العملي على توتر الأوضاع وانعدام الاستقرار وضعف الدولة وأجهزتها في مواجهة الارهاب.
بمعنى أخر لا يمكن فصل إطلاق مبادرة معصوم مرزوق من حيث التوقيت عن محاولة تفجير كنيسة العذراء بمسطرد،وتصفية 6 من عناصر خلية ارهابية بمدينة السادس من أكتوبر،وتصفية 5 ارهابيين على طريق أسيوط سوهاج،علاوة على ضبط العديد من الخلايا المسلحة وبحوزتها خطط لارتكاب عددا من الجرائم الارهابية خلال أغسطس وصولا إلى يومه الأخير الموعد الذي حدده معصوم للخروج ضد الدولة المصرية.
ما لدى أجهزة الأمن من وثائق ومعلومات بشأن التمويل عبر أحد الشركات الاخوانية يعد دليلا على اشتراك معصوم بالمخطط الاخواني ومع ذلك فإن اثباته أو نفيه أمر يخص جهات التحقيق،لكن ظهور السفير السابق على فضائيات الارهاب لطرح مبادرته دليل سياسي دامغ يؤكد إدانته،فإذا كنت معارضا سياسيا تسعى إلى إصلاح النظام أو حتى تغييره عبر الأدوات السياسية التي يتيحها الدستور والقانون،فمن المؤكد أنك لن تلجأ إلى إعلام جماعة استقر في وجدان مجتمعك قبل قوانينه تصنيفها كمنظمة إرهابية.
السفير معصوم مرزوق وكثيرون ممن يدورون في فلك ما يسمى بالتيار المدني المعارض لا يعتبرون جماعة الاخوان ارهابية ويتعاملون معها كفصيل سياسي وطني وهذا ما يفسر ظهور بعضهم على شاشاتها أو هروب البعض الأخر إلى حيث هي في تركيا وقطر،وترويج البعض الثالث لأكاذيبها وتصوراتها على منصات التواصل الاجتماعي وبعض الصحف،جانب منهم ممول ومنتفع،وأخر يعاني قلة “الرباية” السياسية والوطنية،وهناك فئة منهم تعتقد في وجوب إظهار التعاطف مع أي سياسي يتم القبض عليه بغض النظر عن الحيثيات القانونية كي يحتفظ بصورته كمثقف مستقل وسياسي شريف.
بوضوح كل هؤلاء لا يؤمنون بجدية حرب الدولة على الارهاب ويشككون في وجوده أصلا،تماما كما يشككون في المشروعات القومية الكبرى،وسجل تاريخهم السياسي يؤكد أنهم دأبوا على التشكيك في جميع مؤسسات الدولة وعلى رأسها أجهزة الأمن التي يتهمونها بتلفيق قضايا الارهاب.
رغم أن التشكيك في مصداقية مؤسسات الدولة والطعن في شرف أجهزة الأمن وإعلان التضامن مع متهمين في قضايا إرهاب،جرائم توجب المحاسبة والمعاقبة على غرار ما تفعل باقي الدول المتحضرة فإن الأجهزة الأمنية والهيئات القضائية
لا تلاحق إلا من تورط أو اشترك فعليا في ارتكاب جريمة ارهابية،في الوقت الذي نرى فيه دولة مثل فرنسا تحاكم أشخاصا بمجرد إعلان تعاطفهم مع شخص إرهابي،وفي فرنسا أيضا تمت محاكمة شخص نباتي أي ممن لا يأكلون اللحوم لأنه لم يتعاطف مع مقتل جزار.
ما بالنا نحن إذن بالذين يتعاطفون ويتآمرون مع جماعة ارهابية تعلن عداءها للوطن صباح مساء.
معصوم مرزوق وقبله أبو الفتوح وكل من في مكانهم ليسوا سوى أشخاص خالفوا القانون لذلك هم الآن في قفص الاتهام.