تحت سقف مدرسة واحدة، تعلمن واجتهدن، تمكن الصديقات الثلاثة، نورسين حمادة، ويمنى هانى، ورنا أيمن، من التفوق ضمن أوائل الجمهورية بالثانوية العامة للمكفوفين بترتيب الثانى، والثانى مكرر والمركز الرابع.
هؤلاء الطالبات تكلل نجاحهن بشكل جماعى بفعل صداقتهن وتشجعيهن لبعضهن، ومن قبل مدرسيهن أيضا فى معهد النور للمكفوفين بطنطا، رغم فقدهن نعمة البصر، إلا أنها كانت وقودا لهن للكفاح والتغلب عليها، وتعاون فى كتابة المقرر الدراسى بطريقة “برايل”، حتى نشأت علاقة صداقة قوية بينهن تحدين فيها كل الصعاب، وخططن ليكن أوائل الجمهورية.
أول خيط تفوقهن كانت بتخطيطهن لاجتياز قلة الإمكانيات وتحدى إعاقتهن، بشراء كل منهن ماكينة “بركنز”، للكتابة بطريقة برايل، ذات الكلفة العالية تجاوزت آلاف الجنيهات، وكتابة المقرر الدراسى بأكلمه على هذه الماكينة أشبه بالآلة الكاتبة، واتفق كل منهن على كتابة جزء من المقرر وعند الانتهاء منه يستعيرونه وفى أحيان كثيرة يراجعونه ويذاكرونه معا، واعتبرن أن الصداقة طريق نجاحهن.
البداية مع الطالبة نورسين حمادة، الحاصلة على المركز الثانى بالثانوية العامة للمكفوفين، أكدت أن حصولهن على المراكز الأولى على مستوى الجمهورية بالثانوية العامة لم يأت من فراغ، بل تم التجهيز والإعداد له مسبقا، وساعدهن على ذلك التشجيع المستمر من مدرسيهن، مضيفة: «المقربين مننا حاطوا علينا الأمل، واشتغلنا على نفسنا، وذاكرنا أولا بأول».
وقالت الطالبة المتفوقة، صاحبة المركز الثانى، إن الطلاب المكفوفين أو من ذوى الاحتياجات الخاصة مهمشون رغم اعتبار عام 2018 خاص بمتحدى الإعاقة، وظهر ذلك جليا فى اقتصار تكريم أوائل الجمهورية على المركز الأول فقط، مما شعرنا بالضيق، خاصة أن مجموعة المكفوفين بذلوا جهودا مضاعفة، وواجهتنا صعوبات، ورغم ذلك كل منا كان لديه هدف دون الالتفات لهذه العقبات.
واستطردت «رسالتنا إحنا الموهوبين، لينا حق فى كتير من الكليات وجايبين مجموع عالى، ولكن لما سألنا فى الكليات، كان الرد مفيش مراكز متخصصة للمكفوفين أو ذوى الاحتياجات الخاصة، نفسنا نحس أننا جزء من المجتمع لكى نشعر بالولاء غير أى بلد أخر تكرس لهم كل الاهتمام حتى يشعروا بآدميتهم»
بدأت يمنى هانى، صاحبة المركز الثانى مكرر، حديثها بالانتصار على إعاقتها قائلة «تغلبت على كل مشاكلى وإعاقتى بعون من الله، فضل ربنا عليا ساعدنى فى التغلب على إعاقتى لأتميز وأحصل على التقدير، دخلت معهد النور وبدأت أتعلم برايل، بعد تعرضى لحادث فقدت على إثره بصرى منذ أربع سنوات».
وتتمنى الطالبة “يمنى”، أن تتغير نظرة المجتمع للكفيف وعدم جرح مشاعرهم، وتقديم الاهتمام الرعاية الكاملة على غرار الدول الأوروبية، وتوفير الكتب المدرسية أو الجامعية بطريقة “برايل”، بدلا من كتابتها بأنفسهم.
أما الطالبة رنا أيمن، صاحبة المركز الرابع على مستوى الجمهورية، قالت إنها عانت طويلا من أجل تعلم طريقة “برايل”، لتشق طريقها إلى النجاح منذ بداية الصف الثانى الإعدادى حتى مراحل الثانوية لتحصد مراكز متقدمة خلال الإعدادية والثانوية، لافتة إلى أن فترة المرحلة الابتدائية لم تنتظم فيها بشكل جيد لإعاقتها وصغر سنها وبعد المدرسة عن مكان إقامتها، مما اضطرت ظروفها إلى التخلف عن الامتحانات فى موعدها وقضائها فى الدور الثانى.
وتابعت الطالبة المتفوقة: «نظرة الناس وثقافتهم تجاه ذوى الاحتياجات الخاصة متدنية ودائما ما يروننا كمنتقصين أو يقللون من شأننا، حتى لو اجتهدنا يرون هذا العمل عاديا أو طبيعيا، فكانت لدى الرغبة فى دخول كلية الإعلام جامعة القاهرة أو عين شمس ويكون الرد لا توجد خدمات لذوى الاحتياجات الخاصة، وكذلك بالنسبة لكليات اللغات سواء الألسن أو الأداب يكتب لافتات ممنوع دخول المكفوفين».