أكد سفير مصر لدى الكويت طارق القونى، أن العلاقات المصرية – الكويتية شهدت تطورا كبيرا منذ ثورة 30 يونيو 2013 على كافة الأصعدة، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية المتراكمة فى مصر، ارتفع فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى 15 مليار دولار، فضلا عن اتساع أطر التعاون فى شتى المجالات.
وقال القونى – فى حوار مع مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالكويت – إن أهم ما يميز العلاقات المصرية – الكويتية، إنها ديناميكية ومتجددة باستمرار، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين شهدت منذ بدء الفترة الرئاسية الأولى للرئيس السيسي خلال الأعوام الأربعة الماضية، تكثيفا للتشاور والتنسيق المشترك، وكثافة في تبادل الزيارات رفيعة المستوى، توجت بخمس زيارات رئاسية وأميرية، أبرزها زيارتا الرئيس السيسي في مايو 2017، ويناير 2015، بينما قام أمير الكويت بأربع زيارات إلى مصر بعد يونيو 2013، أكد خلالها دعم بلاده لمصر واهتمامها بتطوير العلاقات معها في شتى المجالات.
واضاف أن الزيارة الأولى لأامير الكويت لمصر كانت في 2014 للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس السيسى، والثانية في 2015 للمشاركة في مؤتمر دعم الاقتصاد المصري بشرم الشيخ، والثالثة في مايو 2015 للمشاركة في القمة العربية، والأخيرة في أغسطس 2015 لحضور حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.
وأضاف أن حفاوة الاستقبال والترحيب الواسع الذي حظيت به زيارتا الرئيس السيسى إلى الكويت في 2015، و2017، تعكس خصوصية العلاقات بين البلدين، خاصة فى ظل الترحيب الكبير والواسع بالزيارة من مختلف أطياف المجتمع الكويتي، بالإضافة إلى قيام أمير الكويت بتقليد الرئيس أرفع الأوسمة في الكويت، وهو “قلادة مبارك الكبير”.
وفيما يتعلق بأوجه التعاون السياسى بين البلدين، قال القونى إن التعاون بين البلدين وصل إلى قمته فى عهد الرئيس السيسى والأمير صباح الأحمد؛ حيث هناك حرص من قيادتى ومسئولى البلدين الشقيقين على التشاور وتبادل الرأى فى مختلف القضايا الاقليمية والدولية، بالإضافة الى التعاون والتنسيق الوثيق بين البلدين بما يخدم مصالحهما ورؤيتهما المشتركة تجاه القضايا والتحديات التى تواجه المنطقة.
وأضاف أنه فيما يتعلق بالتعاون السياسى الدولى بين الطرفين، فيوجد تنسيق كامل بين البلدين فى المجال متعدد الأطراف فى التعامل مع القضايا المختلفة، وتبنى مواقف مشتركة، وهو ما اتضح جليا فى التنسيق الوثيق بين البلدين أثناء عضويتهما غير الدائمة فى مجلس الأمن، وتبادل التأييد بينهما في مجال الترشيحات للمناصب الدولية في المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة، والتى كان آخرها دعم مصر لترشيح الكويت للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن للفترة من 2018-2019.
وأشار إلى أنه من أهم أوجه التعاون السياسي بين البلدين، حرصهما على عقد اللجنة المشتركة بينهما بانتظام؛ حيث عقدت الدورة الحادية عشر للجنة بالقاهرة خلال الفترة من 14 إلى 16 فبراير 2016، برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد، والتى توّجت أعمالها بالتوقيع على أربعة أطر تعاقدية، شملت البرنامج التنفيذي لاتفاقية التعاون العلمي والفني بين معهد التخطيط القومي المصري، والأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية الكويتي، والبرنامج التنفيذي للتعاون بين مصر والكويت في المجال السياحي للأعوام 2016-2018، والبرنامج التنفيذي للتعاون بين مصر والكويت في مجال شئون الخدمة المدنية والتنمية الادارية، واتفاقية التعاون في المجال الثقافي والفني بين مصر والكويت، لافتا فى الوقت نفسه إلى أنه جارى تحضير الدورة الجديدة للجنة المشتركة بين البلدين، والتى ستعقد فى الكويت.
وأضاف القونى قائلا “لا يمكن الحديث عن العلاقات السياسية المصرية – الكويتية، دون الإشادة بالدور النشط الذي يقوم به المسئولون الكويتيون على المستويين الإقليمي والدولي، والذي يجعل الكويت بحق، واحدة من أهم المحطات السياسية فى المنطقة؛ حيث كان من أبرز جهودها فى الفترة الماضية، استضافة مؤتمر إعادة اعمار العراق، والذى شاركت فيه مصر بوفد رفيع المستوى برئاسة المهندس إبراهيم محلب مستشار رئيس الوزراء الأسبق، وهو المؤتمر الذى يعكس الوجه الحضارى للكويت تحت قيادة أميرها (قائد العمل الإنساني)، بالإضافة الى الدور الانسانى المتميز للكويت فى توجيه المساعدات والمعونات الاغاثية للاجئين والنازحين فى كل من سوريا واليمن، وفى استضافة عدد من المؤتمرات حول الأزمتين السورية واليمنية.
(الكويت الرابعة ضمن قائمة الدول المستثمرة فى مصر والثالثة عربيا)
وفيما يتعلق بالتعاون الثنائي فى المجال الاقتصادى، كشف سفير مصر لدى الكويت طارق القونى، أن الكويت تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة الدول المستثمرة في مصر، والثالثة عربياً؛ وذلك بإجمالي 3.76 مليار دولار خلال الفترة من 1970 وحتى 2016، من خلال نشاط ألف و166 شركة تنتشر في معظم المحافظات المصرية، مشيرا إلى أن بعض المصادر الأخرى تقدر الحجم الحقيقي للاستثمارات الكويتية في مصر بأكثر من 15 مليار دولار، كاستثمارات متراكمة، خاصة إذا تم حساب الاستثمارات في مجال البترول والغاز، وتتركز الاستثمارات الكويتية في مصر على عدد من القطاعات، تشمل الخدمات، والسياحة، والتشييد والبناء، والصناعة، والزراعة، بالإضافة الى قطاع التمويل والمصارف.
وأشار القونى إلى أنه بالنسبة لحجم الاستثمارات المصرية في الكويت، فقد بلغ نحو 1.1 مليار دولار، تركزت معظمها في مجالات البناء والتشييد، والخدمات، وفروع الشركات المصرية في الكويت، بالإضافة إلى استثمارات المصريين في سوق الأوراق المالية في الكويت.
ولفت إلى أن مشروعات شركة المقاولون العرب، تعد من أهم الاستثمارات المصرية في الكويت، ومن أبرز المشروعات الحالية للشركة، التى تشمل (مستشفى جابر الأحمد) والتى شيدت بقيمة إجمالية بلغت 1.2 مليار دولار، ومشروع تطوير (طريق الجهراء) بقيمة 917 مليون دولار، وهو أطول طريق يتم تشييده في الكويت، بالإضافة الى فوز لشركة في مارس 2017 بعقد تنفيذ طريق (النويصيب) بتكلفة إجمالية تبلغ 560 مليون دولار.
وحول حجم التبادل التجارى بين البلدين، قال القونى إن التبادل التجاري بين مصر والكويت فى مجال السلع غير النفطية، تضاعف ثلاث مرات خلال السنوات الأربع الماضية، مسجلا نحو 500 مليون دولار فى عام 2017، مقارنة بنحو 150 مليون دولار قبل تلك الفترة، وأنه يتجه إلى الزيادة باستمرار حاليا، لافتا فى الوقت نفسه إلى ان حجم هذا التبادل خاص بالمنتجات غير البترولية، بينما يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين الـ 3 مليارات دولار بالمنتجات البترولية.
وأضاف أن أحد أهم روافد التعاون الاقتصادى بين البلدين، يتمثل فى التعاون الوثيق بين الحكومة المصرية والصندوق الكويتى للتنمية الاقتصادية العربية، مشيرا إلى أن آخر أوجه هذا التعاون، كان توقيع اتفاقية قرض بقيمة 170 مليون دولار؛ لتمويل مشروع صرف بحر البقر، علما أن قروض الصندوق ميسرة، وبفوائد لا تتجاوز 5ر2% وفترات سداد طويلة.
وأشار إلى أن السفارة المصرية فى الكويت، حريصة على دعم التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين؛ حيث شاركت هذا العام فى افتتاح ثلاثة معارض للمنتجات المصرية بالأسواق المركزية الكبري التابعة للجمعيات التعاونية الكويتية، بالإضافة الى اهتمامها بالمعارض العقارية المصرية التى شهدتها الكويت خلال العام الجارى، نظرا لأن قطاع العقار يعد أحد أهم قطاعات التنمية فى مصر، ولما يمثله السوق الخليجي من أهمية، كمصدر للاستثمار فى ذلك القطاع، ليس فقط للمواطنين العرب، لكن لأبناء الجالية المصرية فى الكويت أيضا.
وشدد القونى على أن السفارة تبذل جهودا كبيرة في مجال تشجيع الهيئة العامة للاستثمار الكويتية، والشركات الكويتية الكبرى على الاستثمار في مصر، ولا سيما بعد الاصلاحات غير المسبوقة التى يتم تنفيذها فى برنامج الاصلاح الاقتصادي، وكان من أبرز تطوراتها، قانون الاستثمار الجديد ولائحته التنفيذية، لتعزيز بيئة ومناخ الاستثمار، وتحرير سعر الصرف، وما تلاه من رفع القيود على التحويلات الخارجية.
(20 ألف كويتى يدرسون بالجامعات والمعاهد المصرية سنويا)
وحول التعاون الثقافى المصرى – الكويتى، أكد القونى أن التعاون الثقافى أحد أهم ركائز العلاقات المصرية – الكويتية على مر تاريخها، نظرا لأن العلاقات الثقافية بين البلدين ممتدة ومتعددة، وتشمل معارض للفنون التشكيلية، والحرف اليدوية التراثية، والمهرجانات الموسيقية، مشددا على أن أواصر ذلك التعاون تتوسع عاما بعد الاخر.
وأضاف أن السفارة والمكتب الثقافي يعملان على تنظيم العديد من الفعاليات الثقافية المتنوعة على مدار العام، والتى تحظى باقبال كبير من مختلف أطياف المجتمع الكويتى، وتتضمن الندوات، والأمسيات الثقافية، والشعرية، والموسيقية، والمعارض الفنية وغيرها، بالإضافة الى التعاون مع المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والجهات غير الرسمية في الكويت المعنية بالنشاط الثقافي، لتنظيم فعاليات ثقافية للفنانين المصريين سواء من مصر أو من الكويت، ومن بينها تنظيم معرضين للفنانين المصريين بالكويت تحت عنوان “رؤى مصرية”، وكذلك تنظيم معرضا تشكيليا، تحت عنوان (الكويت فى عيون أطفال مصر)، ضم 120 لوحة فنية، فضلا عن معرض الحرف والفنون التقليدية اليدوية المصرية، الذى تم تنظيمه فى فبراير الماضى فى “بيت السدو”.
وأشار القونى إلى أن الجانب التعليمى يعتبر من أهم روافد العلاقات الثقافية بين البلدين؛ حيث تستقبل مصر كل عام نحو 20 ألف طالب كويتى فى الجامعات والمعاهد المختلفة، بواقع 7 الاف طالب فى مرحلة البكالوريوس، و13 ألف طالب بمرحلة الدراسات العليا، مؤكدا أن هناك تواصلا مستمرا بين المكتب الثقافي الكويتي بالقاهرة، والجهات المصرية المعنية والسفارة؛ لتذليل أية مشكلة قد تواجههم، بينما يقدم الجانب الكويتى سنويا 21 منحة للطلبة المصريين من أبناء الجالية فى الكويت، تشمل 13 منحة فى هيئة التعليم التطبيقي، و8 منح فى جامعة الكويت.
(أبناء الجالية حريصون على تقديم صورة إيجابية عن مصر للمجتمع الكويتى)
وحول الجالية المصرية فى الكويت، أكد سفير مصر لدى الكويت، إن الجالية أحد أبرز وأهم عناوين العلاقات بين البلدين، مؤكدا حرصه منذ استلام مهام عمله فى نوفمبر الماضى، على التواصل الدائم والمستمر معها على مختلف مستوياتها؛ حيث أجرى خلال الفترة التالية على تسلمه مهام عمله، العديد من اللقاءات مع ممثلي الجالية، وذلك للتعرف على شواغل الجالية وقضاياها وكيفية حلها من جانب، وتبادل الأفكار والمقترحات للإبقاء على قنوات الاتصال بينهم وبين الوطن الأم من جانب آخر؛ وذلك بالتعاون مع القنصلية.
وأشاد القونى باجتهاد أبناء الجالية وحرصهم المستمر على تقديم صورة إيجابية عن مصر إلى المجتمع الكويتى، لافتا إلى أنه من بين أمثلة ذلك الاجتهاد، حصول أبناء الجالية على المراكز الأولى فى الثانوية العامة الكويتية للشعبة العلمية وستة من المراكز العشرة للشعبة الأدبية.
وأضاف قائلا “عند الحديث عن الجالية المصرية فى الكويت، لابد أن أوجه الشكر إلى المسئولين الكويتيين على تنسيقهم المستمر مع السفارة بشأن قضايا وشواغل أبناء الجالية، وكذلك التوجه لدولة الكويت أميرا وحكومة وشعباً بالشكر، على احتضانهم ورعايتهم الكريمة لأبناء الجالية”.
وأشاد القونى بالحس الوطنى المرتفع لأبناء الجالية المصرية فى الكويت، والذى ظهر جليا خلال اقبالهم الكثيف على المشاركة فى مختلف الاستحقاقات الانتخابية السابقة، والذى جعلهم يحتلون المرتبة الأولى بين الجاليات المصرية فى الخارج كأعلى الجاليات تصويتاً، مؤكدا أن ذلك يعكس مدى انخراطهم واهتمامهم بهموم الوطن وقضاياه من جانب، ومدى تواصل الدولة المستمر معهم من جانب آخر، لافتا فى الوقت نفسه إلى قيام وزيرة الهجرة نبيلة مكرم، بزيارة الكويت ثلاث مرات خلال الفترة الماضية؛ للاستماع إلى الجالية وقضاياها.