ذكرت الهيئة العامة للاستعلامات أن الزيارة التي يقوم بها رئيس البرتغال مارسيلو دي سوزا لمصر تعكس حرص البلدين على تطوير العلاقات الثنائية وبحث سبل تعزيز العلاقات السياسية والدبلوماسية بالإضافة إلى دفع التعاون في مجالات الاقتصاد والبحث العلمي ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الشراكة الاستثمارية والتجارية بين البلدين.
وقالت الهيئة، في تقرير لها اليوم الأربعاء، إن زيارة دي سوزا لمصر هي أول زيارة له للبلاد منذ تنصيبه بالرئاسة في البرتغال عام 2016 كما أنها أول زيارة لرئيس برتغالي إلى مصر منذ سنوات بعيدة وتأتي كرد على الزيارة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي للبرتغال في 21/ 11/ 2016 التي وجه خلالها سيادته الرئيس السيسي الدعوة للرئيس البرتغالي للقيام بزيارة مصر..معرباً عن تطلعه للعمل الوثيق معه من أجل تطوير العلاقات الثنائية المتميزة كما أعرب عن تقديره لمواقف البرتغال المتوازنة إزاء التطورات التي شهدتها مصر خلال السنوات السابقة.
تقارب حضاري :
أفاد تقرير هيئة الاستعلامات بأن تاريخ البلدين شهد العديد من التفاعلات الثقافية في ضوء الجوار الجغرافي بين مصر والقارة الأوروبية.
وأشار التقرير إلى أن مصر والبرتغال يجمعهما حرص مشترك على ضمان الاستقرار في العالم بصفة عامة وفي المنطقة الأورومتوسطية بصفة خاصة ، حيث إن الدولتين طرفان في اتفاقية برشلونة والاتحاد من أجل المتوسط والحوار الأفريقي – الأوروبي ومنتدى المتوسط.
وتتفق وجهات نظر الدولتين حول القضايا الإقليمية والدولية إلى حد كبير بالإضافة إلى الرغبة المشتركة في تطوير التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة، وتبرز أهمية العلاقات بين مصر والبرتغال في كافة المجالات للاستفادة من مميزات وموقع كل دولة حيث يمكن أن تكون مصر المركز المحوري للدول العربية وشرق أفريقيا، والبرتغال لأمريكا الجنوبية وغرب أفريقيا، وذلك من خلال إنشاء خطوط ملاحية منتظمة بين الدولتين.
كما يتطلع المسئولون في البرتغال إلى أن تحتل مصر ترتيبا أفضل من كونها السوق الخامس بالنسبة للبرتغال من خلال تدعيم العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات من أجل تحقيق مصالح الجانبين ، والواقع أن العلاقات مع البرتغال تعد بوابة للتعامل مع مجموعة من الدول الناطقة باللغة البرتغالية، والتي تجمعها منظمة الدول الناطقة بالبرتغالية التي أنشئت عام 1996، وتضم البرتغال والبرازيل وأنجولا وموزمبيق وغينيا بيساو والرأس الأخضر إلى جانب غينيا الاستوائية وغيرها من الدول.
وتحرص البرتغال على المشاركة فى عدد من المناسبات الدولية لتنمية العلاقات الاقتصادية ومنها مؤتمر ومعرض “ويب سوميت” والذى يجمع أكثر من 20 ألفا من المتخصصين في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك المؤتمر الأوروبي – الأفريقي والذي يتم تنظيمه كل عامين بالتبادل مع مؤتمر مصر – أفريقيا.
العلاقات السياسية :
تبرز أهمية العلاقات بين البلدين من خلال مواقف البرتغال تجاه التطورات التي شهدتها الساحة السياسية في مصر على مدى السنوات القليلة الماضية، حيث كانت متوازنة وتقف في جميعها بجانب إرادة الشعب المصري في بناء دولته الديمقراطية المدنية الحديثة.
ويقول تقرير هيئة الاستعلامات : إن مصر والبرتغال تربطهما علاقات جيدة على المستوى السياسي ازدادت رسوخاً بعد زيارة الرئيس السيسي للبرتغال عام 2016 التي مهدت الطريق لبدء مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، حيث يوجد توافق في الرؤى السياسية بين قيادتي البلدين، وتلتقي وجهات نظر الجانبين حول القضايا الإقليمية والدولية بصفة عامة.
كما يحرص البلدان على تنسيق المواقف المشتركة تجاه العديد من القضايا في المحافل الدولية ومن بينها سبل مواجهة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب وضمان استقرار منطقة البحر المتوسط وتوحيد المواقف تجاه تطورات الأوضاع في ليبيا وسوريا بالإضافة إلى التعاون مع الجهود الدولية التي تبذل للتوصل إلى حلول سياسية لتلك الأزمات بما يحفظ وحدة هذه الدول وسلامتها الإقليمية ويصون مؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها، حيث تتفق وجهات نظر الدولتين حول القضايا الإقليمية والدولية بالإضافة إلى الرغبة المشتركة في تطوير التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة.
الزيارات المتبادلة :
أشار تقرير هيئة الاستعلامات إلى أنه في سياق التطور الإيجابي الواسع الذي تشهده علاقات مصر الدولية مع مختلف دول وقارات العالم، قام الرئيس السيسي في 21 نوفمبر 2016 بزيارة إلى البرتغال كأول زيارة دولية تستضيفها البرتغال عقب تنصيب الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا في مارس 2016، وأول زيارة أيضًا لرئيس مصري إلى البرتغال منذ 20 عاما.
وقد أعقبت زيارة الرئيس السيسي إلى البرتغال زيارات متبادلة بين رجال أعمال البلدين توجت في 22 فبراير 2018 باعتماد وزير التجارة والصناعة المصري ووزير العولمة البرتغالي التشكيل النهائي لمجلس الأعمال المشترك بين البلدين، ويعكس حجم الزيارات المتبادلة اهتماما متبادلا لتعزيز هذه العلاقات حيث كانت تلك الزيارات مكثفة منذ العام 2011 حين زار مصر وزير خارجية البرتغال لويش أمادو.
وفي نوفمبر 2012 ، زار مصر وزير الخارجية البرتغالي آنذاك باولو بورتاش وفي 4/ 4/ 2016 قام فرانسيسكو دوارتي لوبيز مدير عام الشؤون السياسية بالخارجية البرتغالية بزيارة لمصر بينما قام أوجوستو سانتوس سيلفا وزير خارجية البرتغال بزيارة لمصر في 13 يونيو 2016 واستقبله الرئيس السيسي حيث سلم له رسالة من الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا تضمنت توجيه الدعوة للرئيس للقيام بزيارة رسمية إلى البرتغال.
كما زار الدكتور أحمد درويش عندما كان رئيسا للهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس مدينة لشبونة البرتغالية في أكتوبر 2016 وأطلع رجال الأعمال البرتغاليين على الفرص التي يوفرها مشروع محور قناة السويس لزيادة الاستثمار بين البلدين.
وفي 19/ 10/ 2017 قام أوجوستو سيلفا وزير الخارجية البرتغالي بزيارة لمصر استقبله خلالها سامح شكري وزير الخارجية وبحث الجانبان علاقات مصر بالاتحاد الأوروبي على المستوى السياسي والتحديات التي تواجه مصر على مسار تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي وجهود مكافحة الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي، كما تبادلا وجهات النظر والتقييم بشأن عدد من القضايا الإقليمية الهامة وفي مقدمتها الأوضاع في ليبيا وسوريا والتطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية فضلا عن التحديات المرتبطة بموضوع الهجرة غير الشرعية وكيفية مواجهتها والتنسيق بين البلدين في إطار آليات التعاون الأورومتوسطي وعلى رأسها الاتحاد من أجل المتوسط.
كما جاءت زيارة وزير الدولة البرتغالي للتعاون الدولي أوريكو ديش إلى القاهرة في فبراير 2018 على رأس وفد من وكالة الاستثمار البرتغالية وإدارة الموانئ، في إطار الحرص على تعزيز العلاقات وتطويرها في كل المجالات واستكشاف فرص الاستثمار في البلدين.
العلاقات الاقتصادية :
ذكر تقرير الاستعلامات أن البرتغال تعد شريكا مهما لمصر داخل الاتحاد الأوروبي ويوجد العديد من المجالات الاقتصادية المشتركة بين البلدين لا سيما أن مصر تعتبر بوابة للصادرات البرتغالية إلى الدول الأفريقية، خاصة عقب إطلاق منطقة التجارة الحرة للتكتلات الأفريقية (كوميسا وسادك وإياك).
وأفاد التقرير بأن حجم التبادل التجاري بين مصر والبرتغال قد حقق ارتفاعاً حيث بلغ مع نهاية عام 2017 نحو (218) مليون يورو مقابل (192.57) مليون يورو خلال عام 2016، مما يعكس سعي الدولتين لزيادة معدلات التبادل التجاري والاستثمارات المشتركة وتشجيع القطاع الخاص بالبلدين على الدخول في شراكة تجارية، كما انعكس ذلك في إبداء شركات برتغالية عديدة اهتماماً بالاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية، خاصة عقب القرارات الاقتصادية الأخيرة وفي مقدمتها تحرير سعر الصرف، وإطلاق حزمة المشروعات القومية العملاقة.
وتبلغ قيمة الإستثمارات البرتغالية في مصر نحو 7ر404 مليون دولار في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والملابس الجاهزة، والطاقة الجديدة والمتجددة إضافة إلى أن هناك فرصاً استثمارية واعدة في مصر خاصة في مجال صناعة الجلود، حيث تعد البرتغال من أكبر الدول المستوردة للمنتجات الجلدية على مستوى العالم.
وقد أنشأت الحكومة المصرية أكبر مدينة للجلود بمنطقة الشرق الأوسط التي تمثل فرصة واعدة لرجال الأعمال البرتغاليين للاستثمار في هذا المجال، كما أن هناك فرصاً استثمارية عديدة في مشروع تنمية محور قناة السويس ومشروع استصلاح الـ 1.5 مليون فدان وكذا مجالات صناعة السيارات والأثاث والآلات والمعدات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والمنتجات الغذائية، وقطاع التوزيع والنقل اللوجستي، والزراعة، والإنشاءات.
وشهدت السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في مجال التعاون الاقتصادي بين البلدين حيث جرى توقيع اتفاق لتشجيع الاستثمار خلال زيارة وزيرالخارجية البرتغالي لمصر في يونيو 2016 كما بدأت في أكتوبر 2017 أعمال اللجنة المشتركة الأولى بين مصر والبرتغال برئاسة وزيريّ خارجية البلدين، وتم خلال انعقاد اللجنة المشتركة التوقيع على خمس مذكرات تفاهم واتفاقيات في مجالات السياحة والشباب والرياضة والأرشفة الدولية والخدمات الجوية بين معهد كامويش البرتغالي والوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التابعة لوزارة الخارجية، فيما تم افتتاح منتدى الأعمال المصري – البرتغالي.
وافتتح وزير الخارجية سامح شكري، في أكتوبر 2017، أعمال المنتدى المصري البرتغالي بمشاركة وزير الخارجية البرتغالي أوجوستو سانتوس سيلفا الذي انعقد على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة الأولى بين البلدين.
وأكد شكرى خلال افتتاحه منتدى الأعمال المصري البرتغالي أن الحكومتين تعملان من أجل تهيئة مناخ اقتصادي واستثماري جاذب لمجتمع الأعمال لاسيما أن تيسير وتحسين الهيكل التشريعي المتعلق بتشجيع التجارة والاستثمار والنمو أمر أساسي في تعزيز العلاقات بين البلدين، كما أعرب الجانب البرتغالي عن تطلعه لتعزيز الدور الذي يلعبه مجلس الأعمال المصري – البرتغالي في تطوير العلاقات الاستثمارية والتجارية بين البلدين والانتقال بها لآفاق غير مسبوقة.
وفي 22 فبراير 2018 اعتمد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة وريكو دياس وزير الدولة البرتغالي للعولمة التشكيل النهائى لمجلس الأعمال المصري البرتغالي، كما أن اتفاقات التجارة الحرة المبرمة بين مصر وعدد كبير من الدول والتكتلات الاقتصادية الرئيسية في العالم تسهم في زيادة تنافسية ومعدلات نفاذ السلع المنتجة بالسوق المصري لأسواق هذا الدول، ومصر تعد محورا لنفاذ المنتجات البرتغالية لأسواق الدول العربية وقارة أفريقيا، كما تعد البرتغال محورا لنفاذ المنتجات المصرية لأسواق قارة أوروبا ودول أمريكا اللاتينية.
كما يجري بين الجانبين بحث إنشاء تحالفات مشتركة بين مصر والبرتغال للعمل في مشروعات البنية التحتية ليس في مصر فقط لكن في إطار مشروعات إعادة إعمار العراق وليبيا وسوريا وأفريقيا وتتمثل أهم الصادرات المصرية للسوق البرتغالية في الجلود وتصل قيمتها إلى 41.6 مليون يورو فيما تصل صادرات القطن إلى 22 مليون يورو والبلاستيك نحو 20.4 مليون يورو، والسكر 6.9 مليون يورو، والسيارات نحو 6.1 مليون يورو.
وتتمثل أهم الواردات المصرية من البرتغال في الآلات والمعدات والورق والمنتجات الكيميائية العضوية حيث بلغت الوادات الورقية خلال عام 2015 نحو 53.5 مليون يورو فيما بلغت الواردات غير البترولية نحو 10.2 مليون يورو وسجلت واردات المعدات الإلكترونية نحو 8.7 مليون يورو بينما بلغت قيمة المعدات النووية 7.3 مليون يورو، وبلغت واردات الملح نحو 5.4 مليون يورو.
العلاقات السياحية:
تعد السياحة البرتغالية أحد مفاتيح السياحة اللاتينية حيث أنه في حالة انتظام حركة السياحة من البرتغال لمصر سينعكس ذك سريعًا على حركة السياحة الوافدة من إسبانيا وأمريكا اللاتينية، والسائح البرتغالي سائح مهم جدًا للقطاع السياحي في مصر حيث أن لديه نسبة إنفاق عالية، كما أنه يهتم بالسياحة الثقافية التي تمتاز بها الأقصر وأسوان.
وشاركت مصر دائما في معرض لشبونة الدولي للسياحة وهو الحدث السياحي الأبرز في البرتغال، لتعزيز تدفق السائحين البرتغاليين إلى أراضيها.
وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالى عدد السائحين البرتغاليين إلى مصر خلال عام 2015 بلغ 8 آلاف سائح مقابل أكثر من 17 ألف سائح عام 2009.
تقارب ثقافي :
لفت تقرير هيئة الاستعلامات إلى أنه فيما يتعلق بالمجال الثقافي تحتفظ مصر والبرتغال بخصوصية ثقافية في ضوء التفاعل الثقافي خلال مراحل تاريخية مختلفة من مسيرة البلدين.
وترتبط مصر والبرتغال باتفاق ثقافي وعلمي وفني منذ عام 1981، كما تم تأسيس جمعية صداقة مصرية برتغالية في البرتغال عام 1996، ويعمل الجانبان على توسيع دائرة التعاون في المجال الثقافي والعلمي، كما أن البرتغال تتعاون مع العديد من الجامعات في مصر مثل جامعة عين شمس والجامعة الأمريكية بالقاهرة؛ لتعزيز التعاون الثقافي بين البلدين.
كما تحرص مصر على المشاركة في الانشطة الثقافية مثل المهرجانات والمناسبات الثقافية الاحتفالات السنوية بيوم أفريقيا والاحتفاليات السنوية للفرانكفونية، ففي عام 2010، استضافت دار الأوبرا المصرية حفلًا كان الأول من نوعه لمغنية الفادو البرتغالية “ماريزا”.
أما عن البرتغال التي يحل رئيسها ضيفا كريما على مصر فلها مكانة كبيرة داخل القارة الأرووبية وتقع في الجزء الجنوبي الغربي من أوروبا، يحدها من الغرب المحيط الأطلسي ومن الشمال والشرق إسبانيا.
وكانت البرتغال جزءا من الإمبراطوريّة الرومانيّة، ثمّ جزءا من الإمبراطوريّة الإسلامية التى قامت في إسبانيا، ويعد سكان البلاد الأصليّون من ذوي الأعراق الإيبيرية، ويتشابهون قليلاً مع الإسبانيين، العاصمة “لشبونة” هي الأكثر كثافة سكانية من بين مدنها الأخرى، واللغة الرسميّة في البرتغال هي اللغة البرتغاليّة، وهي لغة متطورة عن اللغة اللاتينية.
وتعتبر البرتغال من الدول المتقدمة، وتحتل المرتبة 19 عالميا من حيث الرفاهية لشعبها، تشتهر البرتغال بتطور قطاعها السياحي، ووجود الكثير من الأماكن السياحية الصحيّة والطبيعية والريفية، ومن أهم الأماكن السياحيّة فيها العاصمة “لشبونة” التي تتميّز بجمعها بين التاريخ العريق والتطور الحضارى، ومدينة “سينترا” وهي مدينة جبليّة اهتمت بها العائلات المالكة، وبنوا فيها قلعة “موروش”، ومنطقة “إيفورا” التي تقع في جنوب البرتغال، وهي من أهم وأقدم المعالم الرومانية والإسلاميّة.