أكد وزير الخارجية سامح شكرى أن مصر مستمرة في الاضطلاع بواجبها إزاء القضية الفلسطينية، حيث تعمل حالياً بجهد متواصل لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية لتوحيد الأرض الفلسطينية تحت سلطة واحدة، قادرة على تحقيق آمال الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة والوفاء بمسئولياتها في توفير الخدمات له وحماية مصالحه.
وأعرب وزير الخارجية – في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الدولى لدعم الاونروا المنعقد بروما ا- عن يقينه من قدرة صوت العقل الراجح والضمير الإنساني على تحريك إرادة المجتمع الدولى باتجاه تفعيل مرجعيات الشرعية الدولية وصون العدالة لأولئك الذين يتعرضون لضغوط اجتماعية وحياتية مثل اللاجئين الفلسطينيين.
وعبر وزير الخارجية عن شكره لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأنروا) على استمرارها في القيام بمهامها، وأداء واجباتها في خدمة مجتمع اللاجئين في ظل أجواء سياسية ومصاعب مالية لم تتعرض لها الوكالة من قبل؛ الأمر الذى يستلزم تحركاً سريعاً من المجتمع الدولى لإعادة التأكيد على الولاية الممنوحة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهى الولاية التي تم تجديدها في 31 ديسمبر 2016 لمدة ثلاث سنوات.
وشدد وزير الخارجية على أن الأزمة المالية – التي تواجهها الأنروا حالياً – تُمثل تهديداً مباشراً لقدرتها على الوفاء بالخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة، التي يستفيد منها ما يزيد عن 5 ملايين لاجئ فلسطيني؛ بما يضعنا أمام أزمة إنسانية مُحققة، ما لم تتكاتف جهود المجتمع الدولى لإيجاد حل سريع لها، خاصة وأن ما تقوم به (الأنروا) هو عمل إنساني محض لا يجب تحت أي ظرف من الظروف تسييسه، لما في ذلك من تهديد خطير لحياة ومستقبل ملايين من البشر الذين يواجهون من الأساس أوضاعاً إنسانية صعبة امتدت لتشمل أجيال متعاقبة، وقال: علينا جميعاً العمل على تخفيف معاناتهم ولكن أيضاً تقديراً لما يولده استمرار هذه المعاناة من إحباط وفقدان الأمن ومن مخاطر محدقة على الاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
وأكد شكرى أن المساس بالأنروا من شأنه فتح الباب أمام موجة غير عادية من عدم الاستقرار، لن يتوقف مداها عند الأراضى الفلسطينية المحتلة أو الدول المضيفة أو حتى الإقليم، بل يُتوقع أن تمتد آثارها السلبية إلى مختلف بقاع العالم، لما قد يترتب على ذلك من تقويض فرص التسوية السلمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتصاعد وتيرة ظاهرة الهجرة غير الشرعية، فضلاً عن أن الفقر وفقدان الأمل يعتبران وصفة مثالية وأرضية خصبة للتطرف الفكرى وانتشار الإرهاب الذى يُعاني منه العالم أجمع.
وأضاف أن العديد من الدول المانحة ضربت نموذجاً نبيلاً عبر مبادرتها بتقديم مساهمات مالية إضافية إلى (الأونروا) خلال هذه المرحلة شديدة الحساسية، كما سارعت دول أخرى بتحويل مساهمتها السنوية لموازنة الوكالة بشكل مبكر وعاجل، وهو ما يُعد مثالاً طيباً على اهتمام مجتمع المانحين بتلك القضية.
ودعا وزير الخارجية، كافة المانحين الدوليين إلى تقديم إسهامات مالية جديدة تمكن وكالة (الأنروا) من الاستمرار في عملها الإنساني الهام؛ بما يحافظ على استقرار الشرق الأوسط والعالم.
وأعرب عن تقديره للولايات المتحدة الأمريكية على إسهاماتها المالية في موازنة وكالة (الأنروا) على مدار عقود طويلة متتالية، داعيا إياها (أمريكا) في الوقت ذاته إلى استمرار الاضطلاع بمسئولياتها الإنسانية والأخلاقية إزاء اللاجئين الفلسطينيين؛ بما يتوافق مع مسؤولياتها الدولية كقوة عظمى، وكصاحبة دور أساسي في عملية السلام.
وأعرب وزير الخارجية سامح شكري عن تطلعه “بشغف” إلى اليوم الذي تنتفي فيه الحاجة لدور (الأنروا) وولاياتها عندما يتحقق السلام بمنطقة الشرق الأوسط، ويتم التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء الاحتلال والمُعاناة اللذين يرزح تحتهما الشعب الفلسطيني منذ أكثر من سبعة عقود، من خلال المفاوضات بين الطرفين.
ودعا شكرى – في كلمة ألقاها أمام المؤتمر الدولى لدعم الاونروا المنعقد بروما إلى مراجعة صادقة مع النفس وتحمل المسئولية في لحظة فارقة إزاء قضية إنسانية في المقام الأول، وتحييد المصالح السياسية الضيقة، والعمل على إيجاد بدائل خلاقة؛ تساهم في تسوية الأزمة المالية الراهنة للوكالة، ومن بين ذلك تفعيل توصيات سكرتير عام الأمم المتحدة التي تهدف إلى إيجاد تمويل مستدام لميزانية الوكالة عبر شراكات ثنائية متعددة الأطراف، وتشجيع سكرتارية الوكالة على الاستمرار في طريق ترشيد الإنفاق وتطوير الأداء.